وألحق الأدون على التبع، ويجوز أن يدخل في الجملة، ولا يفرد، فليس للخوارج أن يتعلقوا بذلك في أنه ليس بين الكفر والايمان واسطة. ثم بين انه تعالى إنما ذكره على وجه التهديد بقوله (انا اعتدنا للكافرين) أي ادخرنا لهم جزاء على كفرهم ومعاصيهم وعقوبة لهم (سلاسل وأغلالا وسعيرا) يعذبهم بها يعاقبهم فيها، والسلاسل جمع سلسلة والاغلال جمع غل، والسعير هي النار المسعرة الملهبة.
ولما اخبر بما للكافرين من العقوبات على كفرهم، ذكر أيضا ما للمؤمنين على إيمانهم فقال (إن الأبرار) وهو جمع البر، وهو المطيع لله المحسن في أفعاله (يشربون من كأس) والكاس اناء الشراب إذا كان فيه، ولا يسمى كأسا إذا لم يكن فيه شراب - ذكره الزجاج - قال الشاعر:
صددت الكأس عنا أم عمرو * وكان الكأس مجراها اليمينا (1) وقوله (كان مزاجها كافورا) قيل ما يشم من ريحها لا من جهة طعمها وقوله (عينا يشرب بها عباد الله) قوله (عينا) نصب على البدل من (كافورا) ويجوز أن يكون على تقدير ويشربون عينا، ويجوز أن يكون نصبا على الحال من (مزاجها) وقال الزجاج: معناه من عين. وقال الفراء: شربها وشرب منها سواء في المعنى كما يقولون: تكلمت بكلام حسن وكلاما حسنا. وقيل: يمزج بالكافور، ويختم بالمسك وقيل: تقديره يشربون بها وأنشد الفراء:
شربن بماء البحر ثم ترفعت * متى لجج خضر لهن نئيج (2) متى لجج. أي من لجج. وعين الماء حفيرة في الأرض ينبع منها، وهذه العين المذكورة في أرض الجنة في كونها فوارة بالماء متعة، لأهلها. ثم يفجر فيجري لهم