ومشيج أي مخلوط به قال رؤبة:
يطرحن كل معجل نشاج * لم تكس جلدا في دم أمشاج (1) وقال أبو ذؤيب:
كأن الريش والفوقين منه * خلاف النصل سيط به مشيج (2) وقوله (إنا هديناه السبيل) معناه انا أرشدناه إلى سبيل الحق وبيناه له ودللناه عليه. وقال الفراء: معناه هديناه إلى السبيل أو للسبيل. والمعنى واحد.
وقوله (اما شاكرا واما كفورا) قال الفراء: معناه إن شكر وإن كفر على الجزاء ويجوز أن يكون مثل قوله (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) (3) والمعنى اما يختار يحسن اختياره الشكر لله تعالى والاعتراف بنعمه فيصيب الحق، واما أن يكفر نعمه ويجحد إحسانه فيكون ضالا عن الصواب، وليس المعنى انه مخير في ذلك، وإنما خرج ذلك مخرج التهديد، كما قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (4) بدلالة قوله (انا اعتدنا للظالمين نارا) وإنما المراد البيان عن انه قادر عليهما فابهما اختار جوزي بحسبه.
وفي الآية دلالة على أنه تعالى قد هدى جميع خلقه المكلفين، لان قوله (انا هديناه السبيل) عام في جملتهم وذلك يبطل قول المجبرة: إن الله لم يهد الكافر بنصب الدلالة له على طريق الحق واجتناب الباطل، وليس كل من ترك الشكر كان كافرا، لأنه قد يترك في بعض الأحوال على سبيل التطوع، لان الشكر قد يكون تطوعا كما يكون واجبا، وإنما لم يذكر الله الفاسق، لأنه اقتصر على أعظم الحالين