لا يزداد هو ومن أغراه إلا نزولا، وسيرون عجائب قدرة الله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا.
فليتق الله هذا الرجل في جميع أحواله، وليعلم أنه مطلع على أفعاله وأقواله، فإن كان صادقا في أنه لم يستمد من كتبنا، فليوقن بالبشارة، وأنه يظفر بحسن الشارة، وإن كان من كتبنا مستمدا، وظالما بالإصرار قد تعدى، ومتجنيا بالباطل، ومتحليا وهو في الحقيقة عاطل، فيكفينا فيه علم الله الذي لا تخفى عليه خافية، ولا تقي من سطواته القارعة واقية.
ولقد عرضنا على هذا السارق أن يرجع إلى أداء الأمانة فأبى، وألقينا إليه من كل قول رغبا ورهبا، حتى اجتمع به رجل صدق من أهل الغرب، ووقف على بعض ما سرقة من كتبنا من هذا الضرب، فقال له: ما أنصفت ولا اعترفت، حيث لم تعز إلى كتابه ما منه اغترفت.
فلما حقق منه المناط، وعلم أنه لا مناص له عن الارتباط، عزا ما نقله إلى كتاب (المسالك) وكتاب (الطيلسان)، وطوى عن عزو باقي المسروق القلم واللسان، فاقتصر على عزو موضعين من غير زيادة، وسكت عن عزو ما نقله من كتابي (المجزات) و (الخصائص)، وما عين القلادة، واعتذر عن ذلك بأنه يخشى أن يفسد عليه المكتوب، وما صدق بانتظامه على هذا الأسلوب، وذلك أن غالب كتابه مسروق من كتابي المذكورين، ومسلوخ من تأليفي المشهورين، فخشي أن يصرح بعزو كل ما نقله عنهما، ويؤدي الأمانة في جميع ما سرق منهما، فما يبقى من الكتاب إلا قليل جمل، فإنه ليس له فيه كبير عمل، وهذا من تقديم العلو بالباطل على أداء السنة والفرض، أنسي: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون بغير الحق)، (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض)؟!
وإن كان كما قيل (صنعه ليشحث عليه، وليجبي من النساء والرجال ما يضمه إليه)، فلو كان له حسن يقين، لعلم أن الله هو الرزاق، وأنه يعطي على الصدق والأمانة ما لا يعطي على ضد هذه الأخلاق.