إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٣٦
صالح، قول الشعبي: حدثنا الحارث وكان كذابا، قال أحمد بن صالح: لم يكن بكذاب، وإنما كان كذبه في رأيه. ا ه‍ كلام ابن شاهين، في الجزء المذكور.
فمن الذي يعترض بعد هذا على من يقول بتوثيق الحارث؟!
ومما لا شك فيه أن الحارث كان عنده من حديث علي - عليه السلام - ما لا يوجد عند غيره، كما يدل على ذلك ما رواه ابن سعد 6 / 168 عن علباء بن أحمر:
أن علي بن أبي طالب - عليه السلام - خطب الناس فقال: من يشتري علما بدرهم. فاشترى الحارث الأعور صحفا بدرهم. ثم جاء بها عليا، فكتب له علما كثيرا، ثم إن عليا خطب الناس بعد فقال: يا أهل الكوفة، غلبكم نصف رجل.
وهذه أيضا شهادة من علي - عليه السلام - بفضل الحارث، وأنه من أهل العلم الذين يؤخذ عنهم، وأنه غلب أهل الكوفة في العلم، ولو كان متهما في ذلك لبين علي أمره وحذرهم منه.
ولم يوثق أحد على لسان علي بن أبي طالب - عليه السلام - فوق المنبر على رؤوس الناس كما وثق الحارث، وهذا هو السبب في كون أهل الكوفة كانوا يقدمون الحارث الأعور في صلاتهم، لأنه كان أعلمهم بالسنة. ومن كان كذلك فهو أولى بالإمامة، وكانوا يقدمونه في صلاتهم على الجنائز لأنه أفضلهم، وأهل الفضل أولى بالصلاة على الجنازة.
فقد روى ابن سعد في الطبقات 6 / 168 قال: أخبرنا الفضل ابن دكين، حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق: أنه كان يصلي خلف الحارث الأعور، وكان إمام قومه، وكان يصلي على جنائزهم، فكان يسلم - إذا صلى على الجنازة - عن يمينه مرة واحدة.
وهذا أيضا هو السبب في كون أهل الكوفة كانوا يقدمون الحارث الأعور على أئمة العلم من أهل الكوفة، كعبيدة السلماني، وعلقمة، ومسروق، وشريح.
قال ابن سيرين: أدركت الكوفة وهم يقدمون خمسة: من بدأ بالحارث ثنى بعبيدة، ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث لا شك فيه، ثم مسروق، ثم شريح.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»