هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعية فقال: إن اشتملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإلا فلا، وعلى هذا إذا اشتملت رواية المبتدع، سواء كان داعية أم لم يكن على ما لا تعلق له ببدعته أصلا هل ترد مطلقا أو تقبل مطلقا مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل آخر فقال: إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو إخمادا لبدعته وإطفاء لناره، وإن لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفنا من صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته ا ه (1).
وقال في مقدمة اللسان: قال الذهبي في ترجمة إبراهيم بن الحكم أحمد بن ظهير: اختلف الناس في رواية الرافضة على ثلاثة أقوال أحدها: المنع مطلقا، والثاني: الترخيص مطلقا إلا فيمن يكذب ويضع، والثالث:
التفصيل، فتقبل رواية الرافضي الصدوق العارف بالحديث وترد رواية الرافضي الداعية ولو كان صدوقا (2).
قال الحافظ: فالمنع من قبول رواية المبتدعة الذين لم يكفروا ببدعتهم ذهب إليه مالك وأصحابه والقاضي أبو بكر الباقلاني وأتباعه والقبول مطلقا إلا فيمن يكفر ببدعته وإلا فيمن يستحل الكذب ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف وطائفة وروي عن الشافعي أيضا، وأما التفصيل فهو الذي عليه أكثر أهل الحديث، بل نقل فيه ابن حبان إجماعهم، ووجه ذلك: أن المبتدع إذا كان داعية كان عنده باعث على رواية ما يشيد به بدعته ا ه (3).