فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١٠٦
وكان مرجئا ولم ترو عن شبابة بن سوار وكان قدريا؟ فقال: لأن أبا معاوية لم يكن يدعو إلى الارجاء وشبابة كان يدعو إلى القدر، وهذا من الإمام أحمد رحمه الله عذر غير مقبول فإنه أكثر من الاحتجاج بأحاديث الدعاة الغلاة كمن سمينا وغيرهم، وهكذا حال الباقين ممن نقل عنه كلام في منع الرواية عن المبتدعة كشريك فإنا وجدناه يروي عن كثير منهم كالصلت بن بهرام (1) وغيره، على أنه هو متهم أيضا بالقدر فهذا صنيع المتقدمين، وأما المتأخرون فقد أجمعوا على صحة أحاديث الصحيحين وتلقيها بالقبول مع إخراج صاحبيها للمبتدعة والاكثار من الرواية عنهم، وقد ذكر الذهبي في ترجمة أبي أحمد الحاكم من " الطبقات " (2) أنه قال: سمعت أبا الحسن الغازي يقول: سألت البخاري عن أبي غسان فقال: عما تسأل عنه؟ قلت: شأنه في التشيع، فقال: هو على مذهب أئمة أهل بلده الكوفيين، ولو رأيتم عبيد الله بن موسى وأبا نعيم وجميع مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان يعني لشدتهم في التشيع، وقد جمع الحافظ أسماء من روى لهم البخاري منهم فسمى نحو السبعين وما أراه استوعب.
وأما صحيح مسلم ففيه أكثر من ذلك بكثير حتى قال الحاكم: إن كتابه ملآن من الشيعة، فهذا كما ترى إجماع على قبول رواية المبتدعة كما قال الحافظ في مقدمة الفتح: إن جمهور الأئمة أطبقوا على تسمية الكتابين بالصحيحين وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيحين فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ا ه‍ (3).

(١) تهذيب التهذيب ٤: ٤٣٢.
(٢) تذكرة الحفاظ ٣: ٩٧٦، محمد بن محمد بن أحمد المتوفى ٣٧٨.
(٣) مقدمة الفتح الباري ١: ٢٠ - 25.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»