فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١١٢
منها في الأحكام وشبهها، ورد ما كان منها في الفضائل حتى لا يقبل في فضل علي حديث وهذا الشرط لو اعتبر لأفضى إلى رد جميع السنة إذ ما من راو إلا وله في الأصول والفروع مذهب يختاره ورأي يستصوبه ويميل إليه مما غالبه ليس متفقا عليه، فإذا روى ما فيه تأييد لمذهبه وجب أن يرد ولو كان ثقة مأمونا لأنه لا يؤمن عليه حينئذ غلبة الهوى في نصرة مذهبه كما لا يؤمن المبتدع الثقة المأمون في تأييد بدعته، فكما لا يقبل من الشيعي شئ في فضل علي كذلك لا يقبل من غيره شئ في فضل أبي بكر، ثم لا يقبل من الأشعري ما فيه دليل التأويل ولا من السلفي ما فيه دليل التفويض، ثم لا يقبل من الشافعي ما فيه تأييد مذهبه، ولا من الحنفي كذلك، وهكذا بقية أصحاب الأئمة الذين لم يخرج مجموع الرواة بعدهم عن التعلق بمذهب واحد منهم أو موافقته، خصوصا وقد وجدنا في أهل كل مذهب من يضع الأحاديث ويفتريها لنصرة مذهبه.
وحينئذ فلا يقبل في باب من الأبواب حديث إلا إذا بلغ رواته حد التواتر أو كان متفقا على العمل به وذلك بالنسبة لخبر الآحاد وما هو مختلف فيه قليل، وبذلك ترد أكثر السنة أو ينعدم المقبول منها وهذا في غاية الفساد فالمبني عليه كذلك إذ الكل يعتقد أن مذهبه حق ورأيه صواب، وكونه باطلا وبدعة في نفسه أمر خارج عن معتقد الراوي، ولهذا لم يعتبروا هذا الشرط ولا عرجوا عليه في تصرفاتهم أيضا بل احتجوا بما رواه الشيعة الثقات مما فيه تأييد مذهبهم، وأخرج الشيخان فضائل علي عليه السلام من رواية الشيعة كحديث أنت مني وأنا منك أخرجه البخاري (1) من رواية عبيد الله بن موسى العبسي الذي أخبر البخاري

(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»