(فصل) وأما النقل: فقد ذهب جماعة من أهل الحديث والمتكلمين إلى أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة وإن كانوا كفارا أو فساقا بالتأويل كما حكاه الخطيب في " الكفاية " (1)، وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف وابن أبي ليلى والثوري وجماعة إلى قبول رواية الفاسق ببدعته ما لم يستحل الكذب ونسبه الحاكم في المدخل، والخطيب في الكفاية إلى الجمهور وصححه الرازي واستدل له في المحصول، ورجحه ابن دقيق العيد وغيره من المحققين، وقواه جماعة بما اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهادتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل، ثم استمر عمل التابعين على ذلك فصار كما قال الخطيب كالاجماع منهم.
قال السخاوي: وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقاربة الصواب ا ه.
بل حكي ابن حبان: الإجماع على قبول رواية المبتدع إذا لم يكن داعية إلى بدعته فقال في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي (2) من ثقاته:
ليس بين أهل الحديث خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعى إليها سقط الاحتجاج بخبره ا ه.
لكن اقتصر ابن الصلاح على عزو هذا المذهب إلى الكثير أو الأكثر فقال - بعد حكاية الخلاف -: وقال قوم: تقبل روايته ما لم يكن داعية ولا يقبل إذا كان داعية، وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء وهو أعدل المذاهب و أولاها، والأول بعبد مباعد للشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفي الصحيحين