ومنها أن يكون مجانبا للأهواء تاركا للبدع فقد ذهب أكثرهم إلى المنع إذا كان داعية واحتملوا رواية من لم يكن داعية ا ه.
وقال العز بن عبد السلام في القواعد الكبرى (1): لا ترد شهادة أهل الأهواء لأن الثقة حاصلة بشهادتهم حصولها بشهادة أهل السنة أو أولى فإن من يعتقد أنه مخلد في النار على شهادة الزور أبعد في الشهادة الكاذبة ممن لا يعتقد ذلك، فكانت الثقة بشهادته وخيره أكمل من الثقة بمن لا يعتقد ذلك، ومدار قبول الشهادة والرواية على التحقق بالصدق وذلك متحقق في أهل الأهواء، تحققه في أهل السنة والأصح أنهم لا يكفرون ببدعتهم، ولذلك تقبل شهادة الحنفي إذا حددناه في شرب النبيذ، لأن الثقة بقوله لا تنخرم بشر به لاعتقاده إباحته، وإنما ردت شهادة الخطابية لأنهم يشهدون بناء على أخبار بعضهم بعضا فلا تحصل الثقة بشهادتهم لاحتمال بنائها على ما ذكرناه (2).
وقال ابن دقيق العيد: الذي تقرر عندنا أنه لا تعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب إلا بإنكار قطعي من الشريعة، فإذا اعتبرنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل معتمد الرواية، وهذا مذهب الشافعي حيث يقبل شهادة أهل الأهواء ا ه.
وقال الحافظ في (شرح النخبة): التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعة لأن كل طائفة تدعى أن مخالفتها مبتدعة وقد تبالغ فتكفرها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين