فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
قبل الوصية يعني إذا استوليتم عليهم وتمكنتم منهم فأحسنوا إليهم وقابلوهم بالعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم وقبح أقوالهم على الإساءة إليهم. فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة، ثم علله بقوله (فإن لهم ذمة) ذماما وحرمة وأمانا من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن أمه مارية منهم (ورحما) بفتح فكسر: قرابة، لأن هاجر أم إسماعيل منهم، وفي رواية قرابة وصهرا، فالذمة باعتبار إبراهيم، والرحمة باعتبار هاجر. ذكره جمع. وقال الزركشي: المتجه أنه أراد بالذمة العهد الذي دخلوا به في الإسلام زمن عمر، فإن مصر فتحت صلحا، وهذا مما كوشف به من الغيب ومن معجزاته حيث أوقع الحال موقع الاستقبال ففتحت على أتم الأحوال في سنة عشرين من الهجرة ثم فيه معجزة أخرى هي إخباره بأن سيقع منهم ما يوجب العقاب بخروج المصريين على عثمان أولا، وقتلهم محمد بن أبي بكر ثانيا، وهو وال عليها من قبل علي الإمام الحق، ومع ذلك ففيه إشعار بمحبته لأهل مصر، وإن فرط منهم ما فرط. ومن فضائلهم أن أكثر المجددين على رأس كل قرن منهم (طب ك عن كعب بن مالك) بن كعب الأنصاري السلمي الشاعر أحد الثلاثة الذين تيب عليهم. قال الهيتمي: رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح. قال المصنف كالزركشي وأصله في مسلم: أي ولفظه: إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القبط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما.
773 - (إذا فتح) بالبناء للمفعول: أي فتح الله (على العبد) أي الإنسان: الدعاء بأن أفيض على قلبه نورا فيشرح به صدره للدعاء واقبل بشراشره على النطق به (فليدع) ندبا مؤكد (ربه) بما أحب من مهماته الأخروية والدنيوية (فإن الله يستجيب له) أي يعطيه عن المسؤول، وإلا فهو سبحانه أطلق الاستجابة للداعي ولم يخص ذلك بوقت * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) * وإنما أورد عليك الوارد لتكون عليه واردا متى أطلق لسانك بالطلب، فاعلم أنه يريد أن يعطيك، وعند الفتح تتوجه رحمة الله للعبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شئ لأنها وسعت كل شئ وتخلف الإجابة كثيرا لتخلف بعض شروط الدعاة وأركانه، وفيه حث أكيد على الدعاء ورد على من رأى أن ترك الدعاء أفضل، لكنه من المقامات عندهم، فلأجل ذلك لا ينكر فضله وإن فضلنا فعله فقد ابتلى بعض عظماء الأولياء بالجذام وكان يحفظ الاسم الأعظم، فقيل له ألا تدعو؟ فقال ما كنت لأطلب الإقالة من أمر اختاره لي (تنبيه) قال في الحكم إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبالي معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك، ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك والاعمال أنت تهديها إليه. وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك (ت عن ابن عمر) ابن الخطاب (الحكيم) الترمذي (عن أنس) وفيه عبد الرحمن بن أبي مليكة. قال في الكشف ضعيف.
774 - (إذا فعلت) في رواية عملت (أمتي خمس عشرة خصلة) بالفتح: أي خلة، وخصها لأنها أمهات الخطايا وعنها تتفرع القبائح (فقد حل بها البلاء) أي نزل أو وجب. قيل وما هي قال (إذا
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة