فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٢٧
778 - (إذا قال الرجل) يعني الإنسان (للمنافق) أي الذي يخفي الكفر ويظهر الإسلام يا سيد) بغير إضافة، وفي رواية يا سيدي (فقد أغضب ربه) أي فعل ما يستحق العقاب من مالك أمره المنعم بالإيجاد والتربية لأنه إن كان سيده وهو منافق فحاله دون حاله: وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يكره استعمال اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك واستعمال اللفظ المهين المكروه فيمن ليس من أهله.
وهذا من ذلك القبيل. قال الطيبي: ومولانا داخل في هذا الوعيد. بل أشد. وكذا قوله أستاذي.
والكلام في حر قال ذلك عند أمن الفتنة. أما لو قال عبدا وأمة لمالكه أو مالكها أو قاله حر لخوف الفتنة لو لم يقله فلا يدخل في هذا الوعيد والغضب من الله إرادة الانتقام من المغضوب عليه. وفي الحديث إشعار بأنه لا يذم قول ذلك للمؤمن. ويدل له الخبر الآتي: قوموا إلى سيدكم (ك هب عن بريدة) تصغير بردة وهو ابن الحصيب. قال الحاكم صحيح. ورده الذهبي بأن فيه عقبة الأصم ضعفوه اه‍. وظاهر صنيعه أن كلا من مخرجيه رواه هكذا. ولا كذلك. بل لفظ رواية البيهقي في شعب الإيمان بعد يا سيد: فقد باء بغضب ربه.
779 - (إذا قالت المرأة لزوجها) أو الأمة لسيدها (ما رأيت منك خيرا قط) أي فيما مضى من الزمان أو ما مضى من كوني في عصمتك (فقد حبط عملها) أي فسد وهدر وأبطل. والمراد أنكرت ما سيق من إحسان الله لها الذي أجراه على يده وجحدته فتجازى بإبطال عملها: أي بحرمانه ثوابه إلا أن تعود وتقر بإحسانه، وجائز أن يراد به الزجر والتنفير. نعم إن كانت المقالة على حقيقتها فلا يلحقها هذا الوعيد. والحبط أصله أن تكثر الدابة الأكل حتى ينتفخ بطنها وتفسد. قال الزمخشري: ومن المجاز حبط عمله، واستعير من حبط بطون الماشية إذا أكلت الخضر (عد وابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) وفيه يوسف التميمي. قال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به 780 - (إذا قام أحدكم يصلي من الليل) أي إذا أراد القيام للصلاة فيه كقوله تعالى * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) * عبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها للإيجاب. قال الزجاج:
والقيام اسم لهذه الحركة المخصوصة من هذا المتحرك الذي بها يسمى قائما. فتلك الهيئة هي التي سميت قياما بالنظر لحال انفصالها ويقوم وقم بالنظر لتوهم وقوعها (فليستك) أي يستعمل السواك (فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه) يحتمل أن المراد به كاتب الحسنات ويحتمل غيره (فلا يخرج من فيه) أي القارئ (شئ) من القرآن (إلا دخل فم الملك) لأن الملائكة لم يعطوا فضيلة التلاوة كما في خبر آخر، وأنهم حريصون على استماع القرآن من البشر،
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة