فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥١٣
ناظر بغرور الشيطان وظلمته، نعم إن أخبره به عدل فظن صدقه عذر، لأن تكذيبه سوء للظن به، فلا ينبغي أن يحسن ظنه بواحد ويسيئه بآخر، لكن يبحث عما قد يكون بينهما من عداوة وحقد مما تتطرق التهم بسببه ذكره الغزالي. قال: وسوء الظن حرام كسوء القول، وكما يحرم أن تحدث غيرك بمساوئ إنسان يحرم أن تحدث نفسك بذلك (وإذا حسدتم فلا تبغوا) أي إذا وسوس لكم الشيطان بحسد أحد فلا تطيعوه ولا تعلموا بمقتضى الحسد من البغي على الحسود وإيذائه، بل خالفوا النفس والشيطان وداووا القلب من ذلك الداء العضال (وإذا تطيرتم فامضوا) أي إذا خرجتم لنحو سفر فرأيتم أو سمعتم ما فيه كراهة فلا ترجعوا عن مقصدكم، فإنه لا شئ أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة. ومن ظن أن نعيق غراب أو خوار بقرة يرد قضاء أو يدفع مقدورا أو يورث ضررا فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا إلا أنه قلما يخلو إنسان من الطيرة، فإذا أصابكم ذلك فلا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا (وعلى الله فتوكلوا) أي عليه لا على غيره وفوضوا أموركم والتجئوا إليه ليدفع عنكم ما تطيرتم به قال في الكشاف: والتوكل تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره ويقدر على نفعه وضره (وإذا وزنتم) شيئا لمن يشتري منكم مثلا (فأرجحوا) بقطع الهمزة وكسر الجيم لئلا تكون صفقتكم كصفقة المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويسترجحون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (تنبيه) جرت العادة الإلهية أن من تطير من شئ أصابه غالبا: وقع للسلطان خشقدم أن بنت زوجته خوند الأحمدية ماتت في رابع ذي القعدة سنة ست وسبعين وثمانمائة، فجلس كاتب السر البرهان الديري أخو العلامة قاضي القضاة سعد الدين بجانب جانبك الداودار الكبير لانتظار الجنازة، فقال له البرهان: ما خرج ميت يوم السبت إلا وتبعه اثنان، فقال له الداودار: أمها مريضة، فقال وأكبر منها - وعنى به السلطان - فلما انقضى المجلس أخبر الداودار السلطان بما قال كاتب السر، فلما صعد للخدمة على العادة قال له أنت قلت كذا؟ فأطرق، فسل السيف وأراد ضرب عنقه فشفع فيه فعزله وصادره، ففي رابع عشري الشهر المذكور مات للسلطان ولد وعمره عامين، ثم في حادي عشر ذي الحجة من السنة المذكورة ابتدأ بالسلطان مرض فتعلل مدة ثم مات (ه عن جابر) ورواه عنه أيضا الديلمي وهو ضعيف، لكن له شواهد.
748 - (إذا ظهر الزنا) بزاي ونون (والربا) بالراء والموحدة (في قرية) أي في أهل قرية أو نحوها كبلدة أو محلة (فقد أحلوا) بفتح الحاء وشد اللام من الحلول (بأنفسهم عذاب الله) أي تسببوا في وقوعه بهم لمخالفتهم ما اقتضته حكمة الله من حفظ الأنساب وعدم اختلاط المياه. وأن الناس شركاء في النقديين والمطعوم، لا اختصاص لاحد به إلا بعقد لا تفاضل فيه (طب ك عن ابن عباس) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني فيه هاشم بن مرزوق لم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات.
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة