فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٢١
بالحرارة مثلا. وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه، ولا كذلك، بل بقيته عند أحمد وغيره قال أبو ذر قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال هي أفضل الحسنات (تنبيه) قال القونوي: الطاعات كلها مطهرات، فتارة بطريق المحو المشار إليه بقوله تعالى * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * وبقوله هنا: إذا عملت سيئة إلخ، وتارة بطريق التبديل المشار إليه بآية * (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * فالمحو المذكور عبارة عن حقيقة العفو والتبديل عن مقام المغفرة، وإن تنبهت لذلك عرفت الفرق بين العفو والمغفرة.
ثم اعلم أن لكل من المعاصي والطاعات خواص تتعدى من ظاهر الإنسان لباطنه وبالعكس، ثم منها ما يقبل الزوال بسرعة وما لا يقبل إلا ببطء وكلفة، ومنها ما يستمر حكمه إلى الموت ويزول في البرزخ، ومنها ما لا يزول إلا في المحشر، ومنها ما لا يزول إلا بعد دخول النار وقد نهت الشريعة على كل ذلك (حم عن أبي ذر) رمز لصحته وهو غير صواب فقد قال الهيتمي رجاله ثقات، إلا أن شهر ابن عطية حدث به عن أشياخه عند أبي ذر ولم يسم أحدا منهم.
765 - (إذا عملت عشر سيئات فاعمل) في مقابلتها ولو (حسنة) واحدة (تحدرهن) بفتح المثناة فوق وضم الدال أي تسقطهن بسرعة من الحدور ضد الصعود. قال الزمخشري: أحدر القراءة أسرع فيها فحطها عن حالة التمطيط، والعين تحدر الدمع (بها) لأن السيئة سيئة واحدة والحسنة الواحدة بعشر أمثالها، وفي إشعاره رمز إلى رد قول البعض إنما يكفر الذنوب الذي ارتكبه العاصي عشر مرات أن يتمكن منه عشر مرات مع صدق الشهوات ثم يصبر عنه ويكسر شهوته خوفا منه تعالى (ابن عساكر) في تاريخه (عن عمرو بن الأسود مرسلا) هو العبسي الشامي.
766 - (إذا عملت) بالبناء للمجهول (الخطيئة) المعصية (في الأرض كان من شهدها) أي حضرها (فكرهها) بقلبه، وفي رواية أنكرها (كمن غاب عنها) في عدم الإثم له، والكلام فيمن عجز عن إزالتها بيده أو لسانه (ومن غاب عنها فرضيها) لفظ رواية ابن حبان فأحبها (كان كمن شهدها) أي حضرها في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما. لأن الراضي بالمعصية في حكم العاصي، والصورة الأولى فيها إعطاء الموجود حكم المعدوم والثانية عكسه. قال الراغب: والخطيئة والسيئة متقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لم يكن مقصودا إليه في نفسه، بل يكون القصد سبب ضد ذلك الفعل، بخلاف السيئة. (د) في الفتن (عن العرس) بضم فسكون (ابن عميرة) بفتح أوله الكندي، قال ابن حجر: قيل عميرة أمه، واسم أبيه قيس بن سعيد بن الأرقم، رمز لصحته.
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة