فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٢٨
وفي إطلاقه القراءة في الصلاة إشارة إلى أن ذلك يكون في أي صلاة كانت فرضا أو نفلا: ليلا أو نهارا، فذكره الليل أولا لكون التهجد إنما هو ليلا وهو يزيد على صلاة النهار بالنسبة للكمال، فوجه الكلام نحو الغالب. وإلا فالنهار كذلك، بدليل ما رواه محمد بن نصر عن الزهري مرسلا: إذا قام الرجل يتوضأ ليلا أو نهارا فأحسن الوضوء واستن ثم قام يصلي أطاف به الملك ودنا منه حتى يضع فاه على فيه فما يقرأ إلا فيه. وإذا لم يستن أطلق به ولم يضع فاه على فيه. ثم قضية الحديث أن تلقف الملك القراءة إنما يكون فيما وقع في الصلاة بخلافه خارجها، وقد يوجه بأن الصلاة مظنة الفيوض الرحمنية فاجتماع شرف القرآن وشرف الصلاة يزيد دنو الأرواح القدسية. وفيه ندب الإكثار من القراءة سيما في الصلاة وبيان فضيلة قراءة القرآن والسواك وإن كان الإنسان نقي الأسنان قويم المزاج واعتناء الملأ الأعلى بذلك وحرصهم عليه وفيه أن للملك جوفا فهو رد على ابن عبد الهادي في قوله:
الملائكة صمد لا أجواف لهم هب وتمام) في فوائده (والضياء) المقدسي (عن جابر) ورواه أبو نعيم قال ابن دقيق العيد: رواته ثقات.
781 - (إذا قام أحدكم من الليل) أي للتهجد في بعض الليل أو للقراءة فيه (فاستعجم) بفتح المثناة فوق: استغلق (القرآن) بالرفع فاعل استعجم (على لسانه) إي ثقلت عليه القراءة كالأعجمي لغلبة النعاس (فلم يدر ما يقول) أي صار لنعاسه لا يفهم ما ينطق به ولا يدري لشدة نعاسه ما بعد اللفظ المتلو ليأتي به أو لا يقدر على النطق أصلا (فليضطجع) للنوم ندبا إن خف النعاس بحيث يعقل المعقول ووجوبا إن غلبه بحيث يفضي إلى الإخلال ببعض الواجبات ذكره العراقي دافعا به التعارض:
وقول ولده الولي لا وجه له لأن النعاس إذا اشتد قطع الصلاة فلا يحتاج لقطع. لا اتجاه له: كيف والمدرك في الوجوب خوف أن يغير كلام الله ويأتي بما لا يجوز من تحريف أو تغيير لمعنى أو وضع بعض أركان الصلاة في غير محل أو فعله على صورة غير مرضية، فإذا اشتد النعاس بحيث غلب على ظنه الوقوع في ذلك، فوجوب القطع في محل القطع. ثم قضية الخبر أن الكلام في الفرض لا في النفل لحل الخروج منه. وعبر بالاضطجاع لا لعدم حصول المقصود بحصول النوم قاعدا أو مستلقيا لأنه الهيئة المعهودة المحمودة. وخص الليل والصلاة لا لإخراج الغير، بل لأنه الغالب، فيمنع الناعس من القراءة ولو نهارا وفي غير الصلاة حذرا من تغير النظم القرآني، وإن كان في الصلاة قدر زائد، وهو أنه ما لم تتحقق قراءة الواجب لا صلاة (حم م د ه عن أبي هريرة).
782 - (إذا قام أحدكم من الليل) ليصلي (فليفتتح) ندبا (صلاته بركعتين) لينشط لما بعدها،
(٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة