قال المصنف (بسم الله) أي بكل اسم للذات الأقدس لا بغيره ملتبسا للتبرك أؤلف، فالباء للملابسة كما هو مختار الزمخشري. وهو أحسن وأفصح من جعلها للاستعانة الذي هو مقتضى صنيع القاضي ترجيحه، لأن الملابسة أبلغ في التعظيم وأدخل في التأدب، بخلاف جعل اسم الله آلة غير مقصودة لذاتها، ولأنها أدل منها على ملابسة جميع أجزاء الفعل، ولأن التبرك باسمه ظاهر لكل أحد، وتأويل الأولية بأن المراد أن الفعل لا يتم شرعا ما لم يصدر باسمه لا يدرك إلا بدقة النظر، ولأن ابتداء المشركين كان بأسماء آلهتهم للتبرك بها، ولأن كون اسم الله تعالى آلة الفعل ليس إلا باعتبار أنه يتوسل إليه ببركته فعاد للتبرك، ذكره الشريف وغيره، وتعقب المولى حسن الرومي الأول بأن تلك الجهة غير ملحوظة بل الملحوظ جهة كون الفعل غير معتبر شرعا ما لم يصدر به. كما تقرر وهو يعارض التبرك بل أرجح، والثاني يمنع الآلية المذكورة فهيهات إثباتها، وبفرضه فباء الاستعانة في جميع أجزاء الفعل فيها الدلالة على تلك الملابسة مع زيادة لا تقاومها الآلية، والثالث بأن العبرة بالخواص فالعوام كالهوام، والدقة من أسباب الترجيح لا الرد، والرابع بأن جعله آلة يشعر بأن له زيادة مدخل في الفعل ويشتمل على جعل الموجود لفوات كماله بمنزلة المعدوم وذا يعد من المحسنات انتهى، ونوزع بما فيه طول لا يسعه المقام. وحذف متعلق الباء لئلا يقع في الابتداء غير اسم الله تعالى وهو لابد منه في إظهار المبدئية ليشاكل اللفظ المعنى، ومن ثم التزم حذفه في كلام الحكيم تقدس، أما ما لابد منه لإظهاره كتقديم الباء ولفظ اسم فلا يفوت البداءة بذكر الله تعالى كما بينه الشريف، إذ المطلوب المبدئية على وجه يدل عليها وعلى الاختصاص والباء وسيلة لذلك والابتداء لا يتعين كونه باسم خاص من أسمائه، بل يحصل بأي لفظ دل على اسمه. فاستبان أن الابتداء بلفظ الاسم ابتداء بالاسم حقيقة والباء وسيلة لذكره، وأن التبرك يحصل بجميع أسمائه والتعريف الإضافي قد يحمل على معاني التعريف باللام فيراد جنس الأسماء أو جميع أفرادها. وقدر متعلق الباء فعلا لأصالته في العمل، وقلة الإضمار، ومؤخرا ليفيد الحصر والاهتمام. وقول أبي حيان: تقديم الظرف لا يوجب الاختصاص أطنب المحقق أبو زرعة في رده في حاشية الكشاف، ولا يرد * (اقرأ باسم ربك) * لأن الأهم فعل القراءة، لكونها أهم منزل. وخامسا، لأنه أنسب بالمقام، وأوفى بتأدية المرام، وأتم فائدة، وأعم عائدة، وتقدير أبتدئ مخل بالغرض من شمول البركة للكل، وقول المولى الخسرولي: هو أولى امتثالا للفظ الخبر، منعه الإمام حسن الرومي بأن مناط الامتثال البدء بالتسمية لا تقدير فعله، إذ لم يقل فيه كل أمر ذي بال لم يقل فيه أو لم يضمر فيه ابتدئ أو افتتح مفوت للمعنى المناسب لفعل الشروع، إذ
(٥)