فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٥١
الرؤيا الصادقة لكونها قد تقع إنذارا كما تقع تبشيرا وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي فلا يشرع التعوذ إذا عرف أنها صادقة بدليل ما رآه المصطفى صلى الله عليه وسلم من البقر التي تنحر وثلم ذباب سيفه لكن لا يلزم من ترك التعوذ ترك التحول والصلاة فقد يكون سببا لدفع مكروه الإنذار مع حصول مقصوده، على أن المنذرة قد ترجع لمعنى المبشرة (تنبيه) قال بعضهم: يسن لمن رأى رؤيا من المبشرات أن يقول ما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لما رأى في المنام أن جبريل لما أتاه بعائشة في سرقة حرير بيضاء وقال له هذه زوجتك فلما قصها على أصحابه قال إن يكن من الله يمضه فأتى بالشرط لسلطان الاحتمال الذي يعطيه مقام النوم وحضرة الخيال فكان كما رأى. قال بعض العارفين: الأدب يعطي أن يقول ذلك، وما قلته قط في إلا وخرجت كفلق الصبح. (حم خ ت عن أبي سعيد) وهذا الحديث في نسخ كثيرة وليس في خط المؤلف.
622 - (إذا رأى) أي علم (أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه) من النسب أو الإسلام (ما يعجبه) أي ما يستحسنه ويرضاه من أعجبه الشئ رضيه (فليدع له بالبركة) ندبا بأن يقول اللهم بارك فيه ولا تضره ويندب أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لخبر رواه أبو داود (فإن العين) أي الإصابة بالعين (حق) أي كائن يقضي به في الوضع الإلهي لا شبهة في تأثيرها في النفوس فضلا عن الأموال وذلك لأن بعض النفوس الإنسانية يثبت لها قوة هي مبدأ الأفعال الغريبة ويكون ذلك إما حاصلا بالكسب كالرياضة وتجريد الباطن عن العلائق وتذكيته فإنه إذا اشتد الصفاء والذكاء حصلت القوة المذكورة كما يحصل للأولياء أو بالمزاج والإصابة بالعين يكون من الأول والثاني، فالمبدأ فيها حالة نفسانية معجبة تهتك المتعجب منه بخاصية خلق الله في ذلك المزاج على ذلك الوجه ابتلاء من الله تعالى للعباد ليتميز المحق من غيره. (تنبيه) في تعليق القاضي حسين أن بعض الأنبياء نظر إلى قومه فأعجبوه فمات منهم في يوم سبعون ألفا فأوحي إليه إنك عنتهم وليتك إذ عنتهم حصنتهم يقول: حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ودفعت عنكم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (ع طب ك) في الطب (عن عامر بن ربيعة) حليف آل الخطاب أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة، قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا النسائي وابن ماجة، فما أوهمه صنيع المصنف من أنه لم يخرجه أحد من الستة غير جيد.
623 - (إذا رأى أحدكم مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني) أي نجاني وسلمني، قال في الصحاح: العافية دفاع الله عن العبد (مما ابتلاك به) قال الطيبي: فيه إشعار بأن الكلام ليس في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلقة بل لكونه عاصيا متخلفا خلع العذار ولذلك خاطبه بقوله مما ابتلاك به ولو كان المراد المريض لم يحسن الخطاب بقوله (وفضلني عليك) أي صيرني أفضل منك أي أكثر خيرا أو
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة