فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٤٩
الخيال في الحفظ فيحتاج المعبر أن ينظر هذا الخيال حكى أي معنى من المعاني فيرجع إلى المعاني المناسبة أه‍ وقد أكثر الناس من الكلام في حقيقة الرؤيا من الإسلاميين وغيرهم مما ينبو عن نطاق الحصر (ت عن أبي هريرة) رمز لحسنه تبعا للترمذي وحقه الرمز لصحته وظاهر صنيع المصنف أن الترمذي تفرد بإخراجه عن الستة ولا كذلك فقد رواه ابن ماجة عن أبي هريرة باللفظ المذكور.
619 - (إذا رأى أحدكم) في منامه (الرؤيا يكرهها) الجملة صفة للرؤيا أو حال منها، قال القاضي: والرؤيا انطباع الصورة المنحدرة عن أفق المتخيلة إلى الحس المشترك الصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أو في فراغ فيتصور ما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك. ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة متناسبة فيرسلها إلى الحس المشتري فتصير مشاهدة ثم إن كانت شديدة المناسبة بذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بأدنى شئ استغنت عن التعبير وإلا احتاجت (فليبصق) بالصاد ويقال بسين وبزاي (عن يساره) أي عن جانبه الأيسر (ثلاثا) كراهة لما رأى وتحقيرا للشيطان الذي حضرها واستقذارا له وخص اليسار لأنه محل الأقذار والمكروهات والتثليث للتأكيد (وليستعذ بالله) بجمع همة وحضور قلب وصفاء باطن وصحة توجه فلا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان كما أشار إليه بعض الأعيان (من الشيطان) الرجيم (ثلاثا) بأن يقول أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم ومن شرها لأنها بواسطته (وليتحول) أي ينتقل (عن جنبه الذي كان) مضطجعا (عليه) حين رأى ذلك تفاؤلا بتحول تلك الحالة ومجانبة لمكانه ولهذا أمر الناعس يوم الجمعة بالتحول، والتحول التنقل من شئ إلى غيره، والجنب ما تحت الإبط إلى الكشح. قال الراغب: وأصله الجارحة ثم يستعار في الناحية التي تليها كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك نحو اليمين والشمال (تنبيه) قال ابن حجر: ورد في صفة التعوذ من شر الرؤيا أثر صحيح أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة عن النخعي: إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره فليقل إذا استيقظ أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر رؤياي هذه أن يصيبني منها ما أكره في ديني ودنياي. (م د ه عن جابر) ورواه عنه أيضا النسائي.
620 - (إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتحول وليتفل عن يساره ثلاثا) أي وليبصق بصقا خفيفا بلا ريق من جهته اليسرى ثلاث مرات. قال في الصحاح: التفل شبيه بالبصق وهو أقل منه أوله البزاق ثم التفل ثم النفث ثم النفخ قال الزركشي: جاء في رواية فليتفل، وفي أخرى ينفث، وفي أخرى: يبصق، وبينهما تفاوت فينبغي فعل الكل لأنه زجر للشيطان فهو من باب رمي الجمار (وليسأل الله من خيرها) أي الرؤيا (وليتعوذ بالله من شرها) أمره في هذا الخبر وما قبله بأربعة أشياء:
التحول، والاستعاذة، والتفل، والكتم، متى فعل ذلك لم تضره: بل ذلك دافع لشرها (فإن قلت)
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة