فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٥٣
فعل زنا ولا مقدماته، فهو متناس للوصف الذاتي متذكر للوصف العرضي باعتبار تخيله ولا محذور فيه. فإن فرض أنه ضم له قصد الزنا بتلك الحسناء لو ظفر بها وصمم عليه حرم عليه (تنبيه) يؤخذ من التعليل أنه لو رأى امرأة فمالت نفسه للفعل بها ندب له إتيان حليلته وتكراره لتنقص شهوته وتنكسر حدته نفسه للفعل بها إتيان حليلته وتكراره لتنقص شهوته حدته (خط عن ابن عمر) قضية صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو عجيب، فقد رواه مسلم وأبو داود والترمذي في النكاح بمعناه من حديث جابر بألفاظ متقاربة، ولفظ أكثرهم: إذا رأى أحدكم امرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في نفسه.
625 - (إذا رأى أحدكم بأخيه) في الدين (بلاء) أي محنة أو مصيبة في نحو دينه أو بدنه، سمي بلاء لأنه يبلي الجسم ويخلقه، وربما اشتد فأهلكه (فليحمد الله) على سلامته من مثله ويعتبر ويكف عن المناهي فإنها سببه ويدأب في العمل الصالح فإنه سبب كل خير (ولا يسمعه ذلك) أي حيث لم ينشأ ذلك البلاء عن محرم كمقطوع في سرقة لم يتسبب. ثم إن تقييد الرؤية بكونها في أخيه ليس لإخراج ندب الحمد لو رأى البلاء بنحو كافر وعدو ومجاهر، بل إنما قيد به لأجل قوله ولا يسمعه، فلو رأى البلاء بغيره حمد وأسمعه. (ابن النجار) الحافظ محب الدين محمد بن محمود البغدادي صاحب كتاب جنة الناظرين في معرفة التابعين، وذيل تاريخ بغداد، والمعجم أو غير ذلك (عن جابر) بن عبد الله.
626 - (إذا رأيت الناس) أي وجدتهم (قد مرجت) بميم وجيم مفتوحتين بينهما راء مكسورة (عهودهم) جملة حالية أي اختلفت وفسدت وقلت فيهم أسباب الديانات والأمانات. قال الزمخشري:
مرج وخرج إخوان في معنى القلق والاضطراب، يقال مرج الخاتم في يدي ومرجت العهود والأمانات: اضطربت وفسدت، ومنه المرجان لأنه أخف الحب والخفة والقلق من واد واحد أه‍:
والعهود جمع عهد، وهو اليمين والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية. قال ابن الأثير: ولا تخرج الأخبار الواردة فيه عن أحدهما (وخفت) بالتشديد، قلت من قولهم خفت القوم قلوا (أماناتهم) جمع أمانة ضد الخيانة (وكانوا هكذا) وبين الراوي ما وقعت عليه الإشارة بقوله (وشبك) أي خلط (بين أنامله) أي أنامل أصابع يديه إشارة إلى تموج بعضهم في بعض وتلبيس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر (فألزم بيتك) يعني اعتزل الناس وانحجب عنهم في مكانك إلا لما لا بد فيه (وأملك) بقطع الهمزة وكسر اللام (عليك لسانك) أي احفظه وصنه ولا تجره إلا فيما لك لا عليك أو امسكه عما لا يعنيك. قال الزمخشري: من المجاز اخزن لسانك وسرك. وخصه لأن
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة