الخيل في دينهم كان بأمره كما في ديننا إذ هو مندوب إليه وقوله * (فطفق مسحا) * معناه يمسح رؤوسها وأعناقها إكراما لها وإظهارا لشدة شفقته عليها لكونها من أعظم الأعوان في دفع أعداء الدين وحمله على قطعها كما ذهب إليه طائفة حيث قالوا المعنى أنه عليه الصلاة والسلام جعل يمسح السيف بسوقها وأعناقها أي يقطعها إما غضبا عليها بسبب ما جرى عليه من أجلها وإما للتصدق بها ضعيف جدا إذ لا دلالة للفظ عليه كما في قوله * (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) * نعم لو قيل مسح السيف برأسه لربما فهم منه ضرب العنق وإما إذا لم يذكر السيف لم يفهم القطع البتة ورجوع ضمير توارت إلى الشمس أبعد المحتملين يريد أن ذلك الضمير يحتمل أن يعود إلى الشمس إذ قد جرى ما له تعلق بها وهو العشي وأن يعود إلى الصافنات وهذا أولى لأنها مذكورة صريحا دون الشمس وأيضا هي أقرب في الذكر مع لفظ العشي فالمعنى حينئذ أنه أمر بإعدامها حتى توارت بالحجاب أي غابت عن بصره ثم أمر بردها فما وصلت إليه أخذ يمسحها لما مر الثاني التمسك بقوله تعالى * (ولقد فتنا سليمان) * وقصته أنه بلغ سليمان خبر ملك تحصن في جزيرة فخرج إليه بالريح وقتله وأخذ بنته وكانت في غاية الجمال فأحبها وكانت لا يرقأ لها دمع حزنا على أبيها فأمر سليمان الجن بأن يعملوا لها تمثالا على صورة أبيها فكسته كسوة نفيسة وكانت تغدو وتروح إليها مع ولائدها يسجدن له على عادتهن في ملكه فسقط الخاتم من يد سليمان عليه السلام لعصيانه باتخاذ الصنم الذي
(٤٤٠)