وعلى هذا فمعنى قوله تعالى * (أنما فتناه) * اختبرناه في أنه حين أساء الظن باللصوص مع قدرته عليهم فهل يعالجهم بالعقوبة أو لا فلما لم يعاقبهم كان غاية في الحلم والاستغفار لا يجب أن يكون لذنب منه بل جاز أن يكون طلبا لعفو الله عنهم وأن يغفر لهم مبالغة في الحلم والشفقة وقوله * (فغفرنا له) * أي غفرنا لأجل حرمته وبركة شفاعته ذلك الفعل المنكر الذي أتى به أولئك المتسورون وحينئد لا يحتاج إلى نسبة الكذب إلى الملائكة وحمل النعاج على النسوان وخلط الذمة البليغة بأوصاف الكمال قال الإمام الرازي من أنصف علم أن الحق الصريح ما ذكرناه وأن تلك القصة كاذبة باطلة على الوجه الذي يرويها عليه أهل الحشوية ومنه قصة سليمان عليه السلام والتمسك بها من وجهين بل من وجوه الأول التمسك بقوله تعالى * (إذ عرض عليه بالعشي) * أي بعد الزوال * (الصافنات الجياد) * الآية فإن ظاهره يدل على أن اشتغاله بتلك الصافنات ألهاه عن ذكر الله حتى روي أنه فاتت عليه صلاة العصر والجواب أنه لا دلالة فيه على فوت الصلاة مع أنه إذا كان فوتها بالنسيان لم يكن ذنبا وقوله * (أحببت حب الخير) * مبالغة في الحب فإن الإنسان قد يحب شيئا ولكن لا يحب أن يحبه فإذا أحبه وأحب أن يحبه فذلك هو الكمال في المحبة وقوله * (عن ذكر ربي) * أي بسببه كما يقال سقاه عن العيمة أي لأجلها فالمعنى أن ذلك الحب الشديد إنما حصل بسبب ذكره أي أمره لا بالهوى وطلب الدنيا وذلك لأن رباط
(٤٣٩)