الثالث قصة زيد وزينب والجواب أنه أي نكاح زينب كان بأمر الله تعالى لنسخ ما كان في الجاهلية من تحريم أزواج الأدعياء وإنما أخفى في نفسه ذلك خوفا من طعن المنافقين وتوضيحه أن الله تعالى لما أراد أن ينسخ ذلك التحريم أوحى إليه أن زيدا إذا طلق زوجته فتزوج بها فلما حضر زيد ليطلقها خاف أنه إن طلقها لزمه التزوج بها ويصير سببا لطعنهم فيه فقال لزيد (أمسك عليه زوجك) وأخفى في نفسه ما أوحى إليه وعزمه على نكاحها فلذلك عوتب فقيل له * (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) * وقيل كانت زينب ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم وطامعة في تزوجه إياها فلما خطبها النبي لزيد شق عليها وعلى والديها فنزل قوله * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله) * الآية فانقادوا كرها وطمعت زينب مع ذلك أن يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خلاصها من قيد ذلك النكاح فنشزت على زيد حتى أعيته فطلقها فتزوجها النبي بأمر من الله بيانا لذلك النسخ وعلى هذين القولين لا ذنب للنبي في هذه القصة وما يقال إنه أحبها حين رآها فمما يجب صيانة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثله وإن صح فميل القلب غير مقدور ثم القائلون بمحبته إياها منهم من قال لما أحبها حرمت على زوجها وهذا باطل وإلا كان أمره بإمساكها أمرا بالزنا وكان وصفها بكونها زوجا له كذبا ومنهم من قال لم تحرم لكن وجب على الزوج تطليقها قالوا وفيه أي في ميل قلبه إليها وما تفرع عليه ابتلاء الزوج بتطليقها لأن النزول عن الزوجة طلبا لمرضاة الله أمر صعب لا ينقاد له إلا موفق وابتلاء النبي بالمبالغة في حفظ النظر حذرا عن الخيانة في الوحي بالإخفاء أو التعرض للطعن من الأعداء
(٤٤٤)