المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٤١
يسجد له في بيته فقال له آصف إنك مفتون بذنبك فتب إلى الله فخرج إلى الفلاة وقعد على الرماد تائبا إلى الله سبحانه وتعالى الجواب أن هذه الحكاية الخبيثة التي يرويها الحشوية كتاب الله مبرأ عنها فإنه قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذا الكلام قال سليمان أطوف الليلة على مائة امرأة تلد كل امرأة منهن ولدا يقاتل في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فلم تحمل من تلك المائة إلا واحدة فولدت نصف غلام فجاءت به القابلة فألقته على كرسيه بين يديه ولو أنه قال إن شاء الله كان كما قال فالابتلاء المذكور في الآية إنما كان لترك الاستثناء لا لمعصية وقيل ابتلاؤه كان بالمرض فإنه مرض حتى صار مشرفا على الموت لا يقدر على حركة كجسد بلا روح وقيل ولد له ولد فقالت الشياطين إن عاش ولده لم ينفك عن السحرة فعزمت على قتله فعلم سليمان ذلك فخاف الشياطين أن تهلكه فأمر السحاب أن يحمله وأمر الريح أن تحمل إليه غداءه فمات ذلك الولد في السحاب فألقي على كرسيه فتنبه سليمان على خطئه حيث لم يتوكل على ربه الثالث التمسك بما حكي عنه في القرآن وهو قوله * (وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) * فإنه حسد فيكون ذنبا الجواب إنه أوليس حسدا بل معجز كل نبي إنما كان من جنس ما يفتخر به أهل زمانه وكان ما افتخر به أهل زمان سليمان هو الملك أي المال والجاه فلا جرم طلب مملكة فائقة على جميع الممالك لتكون مملكته معجزة له وأراد أن ملك الدنيا موروث أي ينتقل من واحد إلى آخر فطلب من ربه بعدما شفي من مرضه الشديد ملك الدين الذي لا يمكن فيه الانتقال فقوله * (ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) * أي ملكا لا يمكن أن ينتقل عني إلى غيري وأراد الملك العظيم من القناعة وذلك أن الاحتراز عن لذات الدنيا مع القدرة عليها مما لا يمكن عادة فطلب الملك
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»