بأمر الله لم يكن منكرا في الحقيقة ومنه قصة داود عليه السلام وهي أنه طمع في امرأة أوريا فقصد قتله بإرساله إلى الحرب مرة بعد أخرى وهذه القصة على الوجه الذي اشتهرت به مختلقة أي مفتراة للحشوية إذ لا يليق إدخال الذم الشنيع في أثناء المدائح العظام يعني أن الله تعالى مدح داود قبل قصة النعجة بأوصاف كمالية منها أنه " ذا الأيدي " أي القوة وأراد القوة في الدين لأن القوة في الدنيا كانت حاصلة لملوك الكفار ولم يستحقوا بها مدحا والقوة في الدين هي العزم الشديد على أداء الواجبات وترك المنكرات فكيف يوصف بها من لم يملك منع نفسه عن الميل إلى الفجور والقتل ومنها إنه أواب أي رجاع إلى ذكر الله فكيف يتصور منه أن يكون مواظبا على القصد إلى أعظم الكبائر ومنها إنه سخر له الجبال * (يسبحن بالعشي والإشراق) * وسخر له الطير محشورة كل له أواب افترى أنه سخر له هذه الأشياء ليتخذها وسائل إلى القتل والزنا ومنها أنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب والحكمة اسم جامع لكل ما ينبغي علما وعملا فكيف يعقل أنه اتصف بالحكمة مع إصراره على ما يستنكف عنه أخبث الشياطين من مزاحمة أتباعه في الزوج والمنكوحة ومدحه أيضا بعد قصة النعجة بأنه جعله خليفة في الأرض وهذا من أجل المدائح وإذا كان الأمر كذلك لم يصح أن تحمل هذه القصة على أنها إشارة إلى القصة المشهورة في حق داود عليه السلام بل تصور قوم قصره للإيقاع به فلما رأوه مستيقظا اخترع أحدهم الخصومة المذكورة في القرآن وزعموا أنهم إنما قصدوه لأجلها لا لسوء به من قتل النفس أو سرقة المال ونسبة الكذب إلى اللصوص أولى من نسبته إلى الملائكة
(٤٣٨)