الثاني ما روي أنه صلى الله عليه وسلم لما اشتد عليه إعراض قومه عن دينه تمنى أن يأتيه من الله ما يتقرب به إليهم ويستميل قلوبهم فأنزل الله عليهم سورة النجم فلما اشتغل بقراءتها قرأ بعد قوله تعالى * (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) * تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فلما سمعه قريش فرحوا به وقالوا قد ذكر آلهتنا بأحسن الذكر فأتاه جبريل عليه السلام بعدما أمسى وقال له تلوت على الناس ما لم أتله عليك فحزن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك حزنا شديدا وخاف من الله خوفا عظيما فنزل لتسليته * (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) * الخ والجواب على تقدير حمل التمني على القراءة هو أنه من إلقاء الشيطان يعني أن الشيطان قرأ هذه العبارة المنقولة وخلط صوته بصوت النبي حتى ظن أنه صلى الله عليه وسلم قرأها وإلا أي وإن لم يكن من إلقائه بل كان النبي صلى الله عليه وسلم قارئا لها كان ذلك كفرا صادرا عنه وليس بجائز إجماعا وأيضا ربما كان ما ذكر من العبارة قرآنا وتكون الإشارة بتلك الغرانيق إلى الملائكة فنسخ تلاوته للإيهام أي لإيهامه المشركين أن المراد به آلهتهم أو المراد على تقدير حمل أتمنى على تمني القلب وتفكره ما يتمناه بوسوسة الشيطان ويكون المعنى حينئذ أن النبي إذا تمنى شيئا وسوس إليه الشيطان ودعاه إلى مالا ينبغي ثم أن الله تعالى ينسخ ذلك ويهديه إلى ترك الالتفات إلى وسوسته وعلى هذا تكون الرواية المذكورة من مفتريات الملاحدة أو نقول عن التقدير الأول أيضا هو أي قوله تلك الغرانيق الخ كان من القرآن وأريد بالغرانيق الأصنام لكنه استفهام إنكار حذف منه أداته فالمعنى أن هذه المستحقرات ليست كما تدعونها وترجون الشفاعة منها
(٤٤٣)