وإنما يحتاج صدور أحدهما بعينه عنها إلى مخصص بعينه وهو الإرادة المتعلقة بذلك الطرف وحينئذ لا حاجة إلى مبدأ للكون غير القدرة المؤثرة فيه بواسطة الإرادة المتعلقة به وقد ورد في حديث ليلة المعراج (وضع كفه بين كتفي فوجدت بردها في كبدي) ولا يجوز إثبات الجارحة كما ذهبت إليه المشبهة فقيل هو موصوف بكف لا كالكفوف وقيل مؤول بالتدبير يقال فلان في كف فلان أي في تدبيره فالمقصود من الحديث بيان ألطافه في تدبيره له وبيان أنه وجد روح ألطافه لأن البرد يطلق على كل روح وراحة وطمأنينة وقد ورد في الأحاديث أنه تعالى ضحك حتى بدت نواجذه ويمتنع حمله على حقيقته فقيل هو ضحك لا كضحكنا وقيل مؤول بظهور تباشير الخير والنجح في كل أمر ومنه ضحكت الرياض إذا بدت أزهارها فمعنى ضحك ظهر تباشير الصبح والنجح منه وبدو النواجذ عبارة عن ظهور كنه ما كان متوقعا منه ومن كان له رسوخ قدم في علم البيان حمل أكثر ما ذكر من الآيات والأحاديث المتشابهة على التمثيل والتصوير وبعضها على الكناية وبعضها على المجاز مراعيا لجزالة المعنى وفخامته ومجانبا عما يوجب ركاكته فعليك بالتأمل فيها وحملها على ما يليق بها والله المستعان وعليه التكلان
(١٥٦)