أفحش الظلم، والفاحشة كاسمها، وكثرة العلل آية البخل، ولبعض امساكك عن أخيك مع لطف خير من بذل مع جنف، يا بني: لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه إنما يسعى في مضرة نفسه ونفعك وليس جزاء من سرك ان تسوه.
يا بني: زك قلبك بالأدب كما تذكي النار بالحطب، ولا تكن كحاطب الليل وغثاء السبيل، أياك وكفر النعمة فان كفر النعمة لوم وصحبة الجاهل شوم، أي بني: ليس كل طالب نصيب ولا كل راكب يؤب، ومن الفساد إضاعة الزاد، ومن خاب ساد، ومن تفهم ازداد ولعا، أهل الخير عمارة القلوب، يا بني: ان اقترفت سيئة فعجل محوها بالتوبة، ولا تخن من ائتمنك وان خانك، ولا تدع سره وان أذاع سرك، خذ بالفصل وأحسن البدل، وقل للناس حسنا، وأي كلمة حكم جامعة ان تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لها، وان من الكرم الوفاء بالذمم، وصلة الرحم، ومن يثق بك أو يرجو صلتك إذا قطعت رحمك، ولا تتخذ عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، ولا تعمل بالخديعة فإنها خلق اللئيم، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة وساعده كل حال وزل معه حيث ما زال، ولا تطلبن مجازاة أخيك ولو حثا التراب بفيك، وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحرى للظفر، ولن لمن غالطك فإنه يوشك أن يلين لك، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد الإخاء والعداوة بعد المودة، والخيانة لمن ائتمنك والخضوع عند الحاجة، والجفاء عند الغنى، إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكن خازنا لغيرك، وان كنت جازعا على ما تفلت من يديك فاجزع كل ما لم يصل إليك، واستدلل على ما لم يكن بما كان فإنما الأمور