وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره ثم أشفقت ان يلبسك ما أختلف الناس فيه أهوائهم وآرائهم مثل الذي لبسهم، وكان احكام ذلك لك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من اسلامك إلى أمر لا أمن عليك فيه الهلكة، ورجوت ان يوفقك الله فيه لرشدك وان يهديك لقصدك فعهدت إليك بوصيتي هذه واحكم مع ذلك.
أي بني أن أحب ما أنت آخذ به إلى من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما افترض عليك والأخذ بما مضى عليه الأولون من ابائك والصالحون من أهل ملتك، فإنهم لم يدعوا أن ينظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر مم ردهم آخر ذلك إلى الاخذ بما عرفوا، والامساك عما لم يكلفوا فان أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما كانوا علموا، فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم لا بتورط الشبهات وغلو الخصومات، وابدا قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بآلهك عليه والرغبة إليه في توفيقك وترك شائبة أدخلت عليك شبهة وأسلمتك إلى ضلالة، وإذا أنت أيقنت أن قد صفا لك قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك وان أنت لم تجتمع لك ما تحب من نفسك من فراغ ذكرك ونظرك (1).
وأعلم ان الذي بيده ملكوت خزائن الدنيا والآخرة قد أذن بدعائك وتكفل بإجابتك وأمر ان تسأله ليعطيك وهو رحيم لم يجعل بينك وبينه ترجمانا، ولم يحجبك عنه ولم يلجئك إلى من يشفع إليه لك، ولم يمنعك ان أساءت التوبة ولم يعيرك بالإنابة ولم يعاجلك بالنقمة ولم يفضحك حيث