وقال آخر:
أرى أن جنان النويرة أصبحوا * وهم بين غضبان على وآسف حملت ولم أقبل إليهم حمالة * تسكن عن قلب من السقم تالف ولو أنصفوا لم يطلبوا غير حقهم * ومن لي من أمثالهم بالتناصف!
تغطوا بثوب الأرض عنى ولو بدوا * لأصبحت منهم آمنا غير خائف.
وكانوا إذا غم عليهم أمر الغائب ولم يعرفوا له خبرا جاءوا إلى بئر عاديه (1) أو حفر قديم ونادوا فيه: يا فلان، أو يا أبا فلان، ثلاث مرات، ويزعمون أنه إن كان ميتا لم يسمعوا صوتا، وإن كان حيا سمعوا صوتا ربما توهموه وهما، أو سمعوه من الصدى، فبنوا عليه عقيدتهم، قال بعضهم:
دعوت أبا المغوار في الجفر دعوة * فما آض صوتي بالذي كنت داعيا أظن أبا المغوار في قعر مظلم * تجر عليه الذاريات السوافيا.
وقال:
وكم ناديته والليل ساج * بعادي البئار فما أجابا.
وقال آخر:
غاب فلم أرج له إيابا * والجفر لا يرجع لي جوابا وما قرأت مذ نأى كتابا * حتى متى استنشد الركابا * عنه وكل يمنع الخطابا *.