قال: فيذهب العشا بذلك.
ومن مذاهبهم اعتقادهم أن الورل والقنفذ والأرنب والظبي واليربوع والنعام مراكب الجن يمتطونها، ولهم في ذلك أشعار مشهورة، ويزعمون إنهم يرون الجن ويظاهرونهم ويخاطبونهم، ويشاهدون الغول، وربما جامعوها وتزوجوها، وقالوا: إن عمرو بن يربوع تزوج الغول وأولدها بنين، ومكثت عنده دهرا، فكانت تقول له:
إذا لاح البرق من جهة بلادي - وهي جهة كذا - فاستره عنى، فإني إن لم تستره عنى تركت ولدك عليك، وطرت إلى بلاد قومي، فكان عمرو بن يربوع كلما برق البرق غطى وجهها بردائه فلا تبصره، وإلى هذا المعنى أشار أبو العلاء المعرى في قوله يذكر الإبل وحنينها إلى البرق:
طربن لضوء البارق المتعالي * ببغداد وهنا ما لهن ومالي (1) سمت نحوه الابصار حتى كأنها * بناريه من هنا وثم صوالي إذا طال عنها سرها لو رؤوسها * تمد إليه في صدور عوالي تمنت قويقا والصراة أمامها * تراب لها من أينق وجمال إذا لاح إيماض سترت وجوهها * كأني عمرو والمطي سعالى وكم هم نضو أن يطير مع الصبا * إلى الشام لولا حبسه بعقالي.
قالوا: فغفل عمرو بن يربوع عنها ليلة وقد لمع البرق فلم يستر وجهها، فطارت وقالت له وهي تطير:
أمسك بنيك عمرو إني آبق * برق على أرض السعالى آلق (2)