رجل على ظهره كما يحمل الصبي، وقام آخر فأحمى حديده أو ميلا، وكوى به بين أليتيه فيذهب عشقه فيما يزعمون.
وقال أعرابي:
كويتم بين رانفتي جهلا * ونار القلب يضرمها الغرام وقال آخر:
شكوت إلى رفيقي اشتياقي * فجاءاني وقد جمعا دواء وجاءا بالطبيب ليكوياني * ولا أبغي - عدمتهما - اكتواء ولو أتيا بسلمى حين جاءا * لعاضاني من السقم الشفاء واستشهد الخالع على هذا المعنى بقول كثير:
أغاضر لو شهدت غداة بنتم * حنو العائدات على وسادي أويت لعاشق لم ترحميه * بواقدة تلذع بالزناد هذا البيت ليس بصريح في هذا الباب، ويحتمل أن يكون مراده فيه المعنى المشهور المطروق بين الشعراء من ذكر حرارة الوجد ولذعة، وتشبيهه بالنار، إلا إنه قد روى في كتابه خبرا يؤكد المقصد الذي عزاه وادعاه، وهو عن محمد بن سليمان بن فليح، عن أبيه، عن جده، قال: كنت عند عبد الله بن جعفر، فدخل عليه كثير وعليه أثر علة، فقال عبد الله: ما هذا بك؟ قال: هذا ما فعلت بي أم الحويرث، ثم كشف عن ثوبه وهو مكوي، وأنشد:
عفا الله عن أم الحويرث ذنبها * علام تعنيني وتكمى دوائيا!
ولو آذنوني قبل أن يرقموا بها * لقلت لهم: أم الحويرث دائيا