ألم ترياني كلما جئت طارقا * وجدت بها طيبا وإن لم تطيب (1).
وقال الزمخشري: إن النوى المنقع بالمدينة ينتاب أشرافها المواضع التي يكون فيها التماسا لطيب ريحه، وإذا وجدوا ريحه بالعراق هربوا منها لخبثها، قال: ومن اختلف في طرقات المدينة وجد رائحة طيبة وبنة (2) عجيبة، ولذلك سميت طيبة، والزنجية بها تجعل في رأسها شيئا من بلح وما لا قيمة له، فتجد له خمرة لا يعدلها بيت عروس من ذوات الاقدار.
قال: ولو دخلت كل غالية وعطر قصبة الأهواز وقصبة أنطاكية لوجدتها قد تغيرت وفسدت في مدة يسيرة.
أراد الرشيد المقام في أنطاكية، فقال له شيخ منها: إنها ليست من بلادك، فإن الطيب الفاخر يتغير فيها حتى لا ينتفع منه بشئ، والسلاح يصدأ فيها.
سيراف من بلاد فارس، لها فغمة طيبة.
فأرة المسك دويبة شبيهة بالخشف (3) تكون في ناحية تبت تصاد لأجل سرتها، فإذا صادها الصائد عصب سرتها بعصاب شديد وهي مدلاة، فيجتمع فيها دمها، ثم يذبحها، وما أكثر من يأكلها، ثم يأخذ السرة فيدفنها في الشعر حتى يستحيل الدم المحتقن فيها مسكا ذكيا بعد أن كان لا يرام نتنا، وقد يوجد في البيوت جرذان سود يقال لها: فأر المسك ليس عندها إلا رائحة لازمة لها.
وذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ قال: سألت بعض أصحابنا المعتزلة عن شان المسك فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله تطيب بالمسك لما تطيبت به، لأنه دم، فاما