قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي (1) لولا ما غلب على الناس من الجهل وحب التقليد، لم نحتج إلى نقض ما احتجت به العثمانية، فقد علم الناس كافة، أن الدولة والسلطان لأرباب مقالتهم، وعرف كل أحد علو أقدار شيوخهم وعلمائهم وأمرائهم، وظهور كلمتهم، وقهر سلطانهم وارتفاع التقية عنهم والكرامة، والجائزة لمن روى الاخبار والأحاديث في فضل أبى بكر، وما كان من تأكيد بني أمية لذلك، وما ولده المحدثون من الأحاديث طلبا لما في أيديهم، فكانوا لا يألون جهدا في طول ما ملكوا أن يخملوا ذكر علي عليه السلام وولده، ويطفئوا نورهم، ويكتموا فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم، ويحملوا على شتمهم وسبهم ولعنهم على المنابر، فلم يزل السيف يقطر من دمائهم، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، فكانوا بين قتيل وأسير، وشريد وهارب، ومستخف ذليل، وخائف مترقب، حتى أن الفقيه والمحدث والقاضي والمتكلم، ليتقدم إليه ويتوعد بغاية الإيعاد وأشد العقوبة، الا يذكروا شيئا من فضائلهم، ولا يرخصوا لأحد أن يطيف بهم، وحتى بلغ من تقية المحدث انه إذا ذكر حديثا عن علي عليه السلام كنى عن ذكره، فقال قال رجل من قريش، وفعل رجل من قريش، ولا يذكر عليا عليه السلام، ولا يتفوه باسمه.
ثم رأينا جميع المختلفين قد حاولوا نقض فضائله، ووجهوا الحيل والتأويلات نحوها، من خارجي مارق، وناصب حنق، وثابت مستبهم، وناشئ معاند، ومنافق مكذب، وعثماني حسود، يعترض فيها ويطعن، ومعتزلي قد نقض في الكلام، وابصر علم الاختلاف،