لطيفة، لا يليق أن يخلو كتابنا هذا عنها، ولان كلامهما بالرسائل والخطابة أشبه، وفى الكتابة أقصد وادخل، وكتابنا هذا موضوع لذكر ذلك أمثاله.
قال أبو عثمان قالت العثمانية أفضل الأمة وأولاها بالإمامة أبو بكر بن أبي قحافة لاسلامه على الوجه الذي لم يسلم عليه أحد في عصره، وذلك إن الناس اختلفوا في أول الناس اسلاما، فقال قوم أبو بكر، وقال قوم زيد بن حارثة، وقال قوم خباب بن الأرت.
وإذا تفقدنا اخبارهم، وأحصينا أحاديثهم، وعددنا رجالهم، ونظرنا في صحة أسانيدهم، كان الخبر في تقدم اسلام أبى بكر أعم ورجاله أكثر، وأسانيده أصح، وهو بذاك أشهر، واللفظ فيه أظهر، مع الاشعار الصحيحة، والأخبار المستفيضة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، وليس بين الاشعار والاخبار فرق إذا امتنع في مجيئها، واصل مخرجها التباعد والاتفاق والتواطؤ، ولكن ندع هذا المذهب جانبا، ونضرب عنه صفحا، اقتدارا على الحجة، ووثوقا بالفلج والقوة، ونقتصر على أدنى نازل في أبى بكر، وننزل على حكم الخصم، فنقول انا وجدنا من يزعم أنه أسلم قبل زيد وخباب، ووجدنا من يزعم أنهما أسلما قبله، وأوسط الأمور أعدلها، وأقربها من محبة الجميع، ورضا المخالف، أن نجعل اسلامهم كان معا، إذ الاخبار متكافئة، والآثار متساوية على ما تزعمون، وليست إحدى القضيتين أولى في صحة العقل من الأخرى، ثم نستدل على امامة أبى بكر بما ورد فيه من الحديث، وبما أبانه به الرسول صلى الله عليه وآله من غيره.
قالوا فمما روى من تقدم اسلامه ما حدث به أبو داود وابن مهدي عن شعبة، وابن عيينة عن الجريري، عن أبي هريرة، قال أبو بكر انا أحقكم بهذا الامر - يعنى الخلافة - الست أول من صلى.