والمجاهد جمع مجهدة، وهي المشقة.
وأبوابا فتحا أي مفتوحة وأسبابا ذللا، أي سهلة.
واعلم أن محصول هذا الفصل انه كلما كانت العبادة أشق كان الثواب عليها أعظم، ولو أن الله تعالى جعل العبادات سهلة على المكلفين لما استحقوا عليها من الثواب الا قدرا يسيرا، بحسب ما يكون فيها من المشقة اليسيرة.
فان قلت فهل كان البيت الحرام موجودا أيام آدم عليه السلام، ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه قلت نعم هكذا روى أرباب السير وأصحاب التواريخ; روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في " تاريخه " عن ابن عباس، أن الله تعالى أوحى إلى آدم لما أهبطه إلى الأرض إن لي حرما حيال عرشي، فانطلق فابن لي بيتا فيه ثم طف به كما رأيت ملائكتي تحف بعرشي فهنالك استجيب دعاءك ودعاء من يحف به من ذريتك.
فقال آدم انى لست أقوى على بنائه، ولا اهتدى إليه، فقيض الله تعالى له ملكا، فانطلق به نحو مكة - وكان آدم في طريقه كلما رأى روضة أو مكانا يعجبه سال الملك أن ينزل به هناك ليبنى فيه، فيقول الملك انه ليس هاهنا حتى أقدمه مكة - فبنى البيت من خمسة جبال طور سيناء، وطور زيتون، ولبنان، والجودي، وبنى قواعده من حراء.
فلما فرغ خرج به الملك إلى عرفات، فأراه المناسك كلها التي يفعلها الناس اليوم، ثم قدم به مكة وطاف بالبيت أسبوعا، ثم رجع إلى ارض الهند فمات.
وروى الطبري في التاريخ أن آدم حج من ارض الهند إلى الكعبة أربعين حجة على رجليه.