الأصل:
ولقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمين يتعصب لشئ من الأشياء الا عن علة تحتمل تمويه الجهلاء، أو حجة تليط بعقول السفهاء غيركم، فإنكم تتعصبون لأمر ما يعرف له سبب ولا علة. اما إبليس فتعصب على آدم لأصله، وطعن عليه في خلقته، فقال انا ناري وأنت طيني. واما الأغنياء من مترفه الأمم فتعصبوا لآثار مواقع النعم، فقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين.
فإن كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الافعال، ومحاسن الأمور، التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء من بيوتات العرب، ويعاسيب القبائل; بالأخلاق الرغيبة، والأحلام العظيمة، والأخطار الجليلة، والآثار المحمودة.
فتعصبوا لخلال الحمد; من الحفظ للحوار، والوفاء بالذمام، والطاعة للبر، والمعصية للكبر، والاخذ بالفضل، والكف عن البغي، والاعظام للقتل، والانصاف للخلق، والكظم للغيظ، واجتناب الفساد في الأرض.
* * * الشرح:
قد روى (تحتمل) بالتاء، وروى (تحمل)، والمعنى واحد.
والتمويه التلبيس من موهت النحاس، إذا طليته بالذهب ليخفى.
ولاط الشئ بقلبي يلوط ويليط، أي التصق.
والمترف الذي أطغته النعمة.