وروى عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم مكة قال (اللهم لا تجعل منايانا بها) (1) لأنه كان مهاجرا وقال فضيل بن مرزوق سالت إبراهيم النخعي عن المقام والجوار بمكة فقال اما المهاجر فلا يقيم بها واما غيره فإنما كره له المقام بمكة خشية ان يكثر الناس بها فتغلوا اسعار أهلها وفي رواية سفيان بن حسين عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه في الحديث المذكور في أول هذا الباب أنه قال يا رسول الله اني أخاف أو قال إني ارهب ان أموت في الأرض التي هاجرت منها فادع الله لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم اشف سعدا اللهم اشف سعدا) (2) وذكر الحديث وهذا كله يدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم (لا هجرة بعد الفتح) ان معناه لا هجرة تبتدا بعد الفتح مفترضة لا على أهل مكة ولا على غيرهم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا هجرة بعد الفتح) من وجوه كثيرة صحاح كلها وفي بعضها (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا) (3) ثم قال لهم (المهاجر من هجر ما حرم الله عليه) (4) وقال لبعضهم إذ سأله عن الهجرة (أقم الصلاة وات الزكاة وما افترض الله عليك واجتنب ما نهاك عنه واسكن من ارض قومك حيث شئت) قال أبو عمر فهذه الهجرة المفترضة الباقية إلى يوم القيامة الا ان المهاجرين الأولين الذين مدحهم الله بهجرتهم حرام عليهم ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمدينة والرجوع إلى مكة ابدا
(٢٧٧)