الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٧٦
ولم تكن الهجرة (مقتصرة) في ترك الوطن وتحريم الرجوع إليه على الأبد الا على أهل مكة خاصة الذين امنوا به من أهلها واتبعوه ليتم لهم بالهجرة الغاية من الفضل الذي سبق لهم فعليهم خاصة افترضت الهجرة المفترض فيها البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث استقر والتحول معه حيث تحول لنصرته ومؤازرته وصحبته والحفظ لما يشرعه والتبليغ عنه ولم يرخص لواحد منهم في الرجوع إلى الوطن وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عندهم كذلك لان هجرة دار الكفر حيث كانت وان كانت واجبة على كل من امن ان يهجر دار الكفر لئلا تجري عليه فيها احكام الشيطان وحرم عليه المقام حيث لا يجري عليه حكم الاسلام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (انا بريء من كل مسلم مقيم مع المشركين) (1) فلم يحرم في هجرته هذه حالة الرجوع إلى الوطن الذي خرج منه إذا عادت تلك الدار دار ايمان واسلام وليس أهل مكة كذلك لان الهجرة كانت عليهم باقية إلى الممات وهم الذين اطلق عليهم المهاجرون ومدحوا بذلك دون غيرهم الا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انما ارخص للمهاجر ان يقيم بمكة ثلاثة أيام بعد تمام نسكه وحجه رواه العلاء بن الحضرمي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا هذا الحديث باسناده في كتاب الصلاة وحدثنا محمد بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان الاعناقي قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الرحمن الأعرج قال خلف النبي صلى الله عليه وسلم على سعد رجلا وقال له (ان مات بمكة فلا تدفنه بها) قال سفيان لأنه كان مهاجرا وعن بن عيينة عن محمد بن قيس عن أبي بردة عن سعد بن أبي وقاص قال سالت النبي صلى الله عليه وسلم أتكره للرجل ان يموت في الأرض التي هاجر منها قال (نعم
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»