واتفق أهل العلم على القول به في أنه لا يجوز لاحد ان يوصي بأكثر من ثلثه وانما اختلفوا فيما للمريض ان يفعله في ماله من العطايا المقبلة غير الوصية فقال الجمهور ان افعال المريض فيما يتصدق به ويعتق ويهب في مرضه الذي يموت منه كلها [في ثلثه] كالوصايا وحجتهم ان هذا الحديث مع صحته لم يقل فيه بن شهاب [عن عامر بن سعد] أفأوصي وانما قال افاتصدق ولم يجز له رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقة الا الثلث كالوصية المجتمع عليها وبن شهاب [حافظ] غير مدافع في حفظه وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك في (التمهيد) وقد قال فيه سعد بن إبراهيم [عن عامر بن سعد] أفأوصي وكذلك قال مصعب بن سعد عن أبيه أفأوصي وساقوا الحديث بمعنى حديث بن شهاب سواء ولم يختلف في ذلك عن مصعب بن سعد وقد قال بان هبة المريض إذا قبضت من راس ماله ان مات من مرضه طائفة من السلف واليه ذهب أهل الظاهر وداود واما جمهور العلماء وجماعة أئمة الفتوى بالامصار فقالوا هبة المريض قبضت أو لم تقبض إذا مات من مرضه لا تكون الا في الثلث كالوصايا وممن قال بذلك مالك والليث والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهما وحجتهم حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي اعتق ستة [اعبد] له عند موته لا مال له غيرهم فاقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فاعتق اثنين وارق أربعة فامضى له من ماله ثلثه ورد سائر ماله ميراثا (1) وهذا حكم الوصية عند الجميع واجمع علماء المسلمين ان الميت إذا مات عن بنين أو عن كلالة ترثه انه لا يجوز له ان يوصي في ماله بأكثر من ثلثه واختلفوا إذا لم يترك بنين ولا عصبة
(٢٧٢)