الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٢٨٠
قال مالك (1) في الذي يوصي في ثلثه فيقول لفلان كذا وكذا ولفلان كذا وكذا يسمي مالا من ماله فيقول ورثته قد زاد على ثلثه فان الورثة يخيرون بين ان يعطوا أهل الوصايا وصاياهم ويأخذوا جميع مال الميت وبين ان يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت فيسلموا إليهم ثلثه فتكون حقوقهم فيه ان أرادوا بالغا ما بلغ قال أبو عمر هذه مسألة معروفة لمالك وأصحابها يدعونها مسألة خلع الثلث وخالفهم فيها أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وأحمد وداود وأصحابهم وانكروها على مالك - رحمه الله وقد اجمعوا ان الوصية تصح بموت الموصي وقبول الموصى له إياها بعد موت الموصى وإذا صح ملك الموصى له للشيء الموصى به فكيف تجوز فيه المعاوضة بثلث لا يبلغ الا معرفته ولا يوقف على حقيقته وقد اجمعوا انه لا تجوز البياعات والمعاوضات في المجهولات واجمعوا انه لا يحل ملك مالك الا عن طيب نفسه فكيف يؤخذ من الموصى له ما قد ملكه بموت الموصي وقبوله له بغير طيب نفس منه ومن حجة مالك ان الثلث موضع للوصايا فإذا امتنع الورثة ان يخرجوا ما أوصى به الميت [وزعموا أنه تعدى فيه بأكثر من الثلث خيروا بين ان يسلموا للموصى له ما أوصى به الميت لهم] أو يسلموا إليه ثلث الميت كما لو جنى العبد جناية قيمتها مائة درهم والعبد قيمته الف كان سيده مخيرا بين ان يؤدي أرش الجناية فلا يكون للمجني عليه إلى العبد سبيل وبين ان يسلم العبد إليه وان كان يساوي اضعاف قيمة الجناية قال أبو عمر الذي أقول به ان الورثة إذا ادعوا ان الشيء الموصى به أكثر من الثلث كلفوا بيان ذلك فإذا ظهر ذلك وكان كما ذكروا أكثر من الثلث يأخذ من الموصى له قدر ثلث مال الميت وكان شريكا للورثة بذلك فيه وان كان الثلث فأقل اجبروا على الخروج عنه إلى الموصى له وبالله التوفيق لا شريك له
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»