عند جمهور العلماء على إجازة الورثة وقد ذكرنا الخلاف في ذلك واما الوصية بخدمة العبد وغلة البساتين وسكنى المساكين فقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال مالك والثوري والليث وعثمان البتي وأبو حنيفة والشافعي وسوار وعبد الله وعبيد الله ابنا الحسن قاضيا البصرة الوصية بسكنى الدار وغلة البساتين فيما يستأذن وخدمة العبد جائزة إذا كانت الثلث أو أقل وكذلك ما زاد على الثلث من ذلك إذا اجازه الورثة وقال بن أبي ليلى وبن شبرمة الوصية بكل ذلك باطل غير جائزة وبه قال داود وأهل الظاهر لان ذلك منافع طارئة على ملك الوارث لم يملكها الميت قبل موته وقد اجمعوا انه لو أوصى بشيء ومات وهو في غير ملكه ان الوصية باطل والوصية بالمنافع كذلك لأنه قد مات وهي في غير ملكه فان شبه على أحد ان الإجارة يملك المؤاجر بها البدل من منافعها وان لم تكن في ملكه فليس كذلك لان المؤاجر على ملكه كل ما يطرا من المنافع ما دام الأصل في ملكه وكان حيا وليس الميت بمالك لشيء من ذلك لان المنافع طارئة على ملك الورثة واما الأوقاف فان السنة اجازتها بخروج ملك أصلها عن الموقف إلى الله عز وجل ليتحرى عليها فيما يقرب منه وليست المنافع فيها طارئة على ملك الموقف [لأنه مستحيل ان يملك الميت شيئا وقد قال بعضهم ان أصول الأوقاف على ملك الموقف] لقول رسول الله " صلى الله عليه وسلم (ينقطع عمل المرء بعده الا من ثلاث) فذكر منها صدقة يجري عليه نفعها وهذا ليس بشيء لان الثواب والاجر الذي يناله الميت فيما يوقفه من أصول ماله انما كان لان أصله خرج عن ملكه إلى الله تعالى فبذلك استحق الاجر كمن سن سنة حسنة فعمل بها غيره أخبرنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثني محمد بن عبد السلام قال حدثنا محمد بن أبي عمرو قال حدثنا سفيان بن عيينة قال قال بن شبرمة وبن أبي ليلى من أوصى بفرع شيء ولم يوص بأصله فليس بشيء قال أبو عمر قول بن أبي ليلى وبن شبرمة ومن تابعهما قول صحيح في النظر والقياس وان كان على خلافه أكثر الناس
(٢٧٩)