قبائلكم أحد ممن غزا المدينة فليأتنا بهم. فجيء بهم كما يجاء بالكلاب، فقتلوا، فما أفلت منهم من أهل البصرة جميعا إلا حرقوص بن زهير فإن بني سعد منعوه، وكان من بني سعد، فمسهم في ذلك أمر شديد، وضربوا لهم فيه أجلا وخشنوا صدور بني سعد وإنهم لعثمانية حتى قالوا: نعتزل، وغضبت عبد القيس حين غضبت سعد لمن قتل منهم بعد الوقعة ومن كان هرب إليهم إلى ما هم عليه من لزوم طاعة علي، فأمر الناس بأعطياتهم وأرزاقهم وحقوقهم، وفضلا بالفضل أهل السمع والطاعة. فخرجت عبد القيس وكثير من بكر بن وائل حين زووا عنهم الفضول، فبادروا إلى بيت المال، وأكب عليهم الناس فأصابوا منهم، وخرج القوم حتى نزلوا على طريق علي، وأقام طلحة والزبير ليس معهما بالبصرة ثأر إلا حرقوص، وكتبوا إلى أهل الشام بما صنعوا وصاروا إليه: إنا خرجنا لوضع الحرب وإقامة كتاب الله عز وجل بإقامة حدوده في الشريف والوضيع والكثير والقليل، حتى يكون الله عز وجل هو الذي يردنا عن ذلك، فبايعنا خيار أهل البصرة ونجباؤهم، وخالفنا شرارهم ونزاعهم، فردونا بالسلاح وقالوا فيما قالوا: نأخذ أم المؤمنين رهينة، أن أمرتهم بالحق وحثتهم عليه.
فأعطاهم الله عز وجل سنة المسلمين مرة بعد مرة، حتى إذا لم يبق حجة ولا عذرا استبسل قتلة أمير المؤمنين فخرجوا إلى مضاجعهم فلم يفلت منهم مخبر إلا حرقوص بن زهير، والله سبحانه مقيده إن شاء الله. وكانوا كما وصف الله عز وجل، وإنا نناشدكم الله في أنفسكم إلا نهضتم بمثل ما نهضنا به، فنلقى الله عز وجل وتلقونه وقد أعذرنا وقضينا الذي علينا.
وبعثوا به مع سيار العجلي، وكتبوا إلى أهل الكوفة بمثله مع رجل من بني عمرو بن أسد يدعى مظفر بن معرض. وكتبوا إلى أهل اليمامة، وعليها سبرة بن عمرو العنبري مع الحارث السدوسي. وكتبوا إلى أهل المدينة مع ابن قدامة القشيري، فدسه إلى أهل المدينة.