أياما وأتاه عن القوم أنهم يريدون البصرة، فسري بذلك عنه، وقال: إن أهل الكوفة أشد إلي حبا، وفيهم رؤوس العرب وأعلامهم. فكتب إليهم:
إني قد اخترتكم على الأمصار وإني بالأثرة.
[و] لما قدم علي الربذة أقام بها وسرح منها إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، وكتب إليهم: إني اخترتكم على الأمصار وفزعت إليكم لما حدث، فكونوا لدين الله أعوانا وأنصارا، وأيدونا وانهضوا إلينا فالإصلاح ما نريد، لتعود الأمة إخوانا ومن أحب ذلك وآثره فقد أحب الحق وآثره، ومن أبغض ذلك فقد أبغض الحق وغمصه. فمضى الرجلان وبقي علي بالربذة يتهيأ، وأرسل إلى المدينة فلحقه ما أراد من دابة وسلاح، وأمر أمره وقام في الناس فخطبهم، وقال: إن الله عز وجل أعزنا بالإسلام ورفعنا به وجعلنا به إخوانا بعد ذلة وقلة وتباغض وتباعد، فجرى الناس على ذلك ما شاء الله. الإسلام دينهم، والحق فيهم، والكتاب أمامهم، حتى أصيب هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزغهم الشيطان لينزغ بين هذه الأمة، ألا إن هذه الأمة لا بد مفترقة كما افترقت الأمم قبلهم، فنعوذ بالله من شر ما هو كائن. ثم عاد ثانية، فقال: إنه لا بد مما هو كائن أن يكون، ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي، فقد أدركتم ورأيتم، فالزموا دينكم واهدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم واتبعوا سنته،