فخرج عبد الله بن عباس ومعه الأشتر، فقدما الكوفة وكلما أبا موسى واستعانا عليه بأناس من الكوفة، فقال للكوفيين: أنا صاحبكم يوم الجرعة وأنا صاحبكم اليوم، فجمع الناس فخطبهم وقال: أيها الناس، إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه في المواطن أعلم بالله جل وعز وبرسوله صلى الله عليه وسلم ممن لم يصحبه، وإن لكم علينا حقا فأنا مؤديه إليكم؟ كان الرأي ألا تستخفوا بسلطان الله عز وجل، ولا تجترئوا على الله عز وجل، وكان الرأي الثاني أن تأخذوا من قدم عليكم من المدينة فتردوهم إليها حتى يجتمعوا، وهم أعلم بمن تصلح له الإمامة منكم، ولا تكلفوا الدخول في هذا، فأما إذ كان ما كان فإنها فتنة صماء، النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، فكونوا جرثومة من جراثيم العرب، فاغمدوا السيوف وانصلوا الأسنة، واقطعوا الأوتار، وآووا المظلوم والمضطهد حتى يلتئم هذا الأمر، وتنجلي هذه الفتنة.
ولما رجع ابن عباس إلى علي بالخبر دعا الحسن بن علي فأرسله، فأرسل معه عمار بن ياسر، فقال له: انطلق فأصلح ما أفسدت، فأقبلا حتى دخلا المسجد. فكان أول من أتاهما مسروق بن الأجدع، فسلم عليهما، وأقبل عمار فقال: يا أبا اليقظان، علام قتلتم عثمان رضي الله عنه؟ قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا! فقال: والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لكان خيرا للصابرين. فخرج أبو موسى، فلقي الحسن فضمه إليه، وأقبل على عمار فقال: يا أبا اليقظان، أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين، فأحللت نفسك مع الفجار؟ فقال: لم أفعل، ولم تسؤني؟ وقطع عليهما الحسن فاقبل على أبي موسى، فقال: يا أبا موسى، لم تثبط الناس عنا؟ فوالله ما أردنا إلا