وكتبت عائشة رضي الله عنها إلى أهل الكوفة مع رسولهم: أما بعد فإني أذكركم الله عز وجل والإسلام، أقيموا كتاب الله بإقامة ما فيه، اتقوا الله واعتصموا بحبله وكونوا مع كتابه. فإنا قدمنا البصرة فدعوناهم إلى إقامة كتاب الله بإقامة حدوده. فأجابنا الصالحون إلى ذلك. واستقبلنا من لا خير فيه بالسلاح، وقالوا: لنتبعنكم عثمان، ليزيدوا الحدود تعطيلا، فعاندوا فشهدوا علينا بالكفر وقالوا لنا المنكر، فقرأنا عليهم: [ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم] فأذعن لي بعضهم، واختلفوا بينهم، فتركناهم وذلك، فلم يمنع ذلك من كان منهم على رأيه الأول من وضع السلاح في أصحابي، وعزم عليهم عثمان بن حنيف إلا قاتلوني حتى منعني الله عز وجل بالصالحين فرد كيدهم في نحورهم، فمكثنا ستا وعشرين ليلة ندعوهم إلى كتاب الله وإقامة حدوده - وهو حقن الدماء أن تهراق دون من قد حل دمه - فأبوا واحتجوا بأشياء، فاصطلحنا عليها، فخافوا وغدروا وخانوا فجمع الله عز وجل لعثمان رضي الله عنه ثأرهم، فأقادهم فلم يفلت منهم إلا رجل وأردأنا الله، ومنعنا منهم بعمير بن مرثد ومرثد بن قيس، ونفر من قيس، ونفر من الرباب والأزد. فالزموا الرضا إلا عن قتلة عثمان بن عفان حتى يأخذ الله حقه، ولا تخاصموا الخائنين ولا تمنعوهم، ولا ترضوا بذوي حدود الله فتكونوا من الظالمين. فكتبت إلى رجال بأسمائهم. فثبطوا الناس عن منع هؤلاء القوم ونصرتهم واجلسوا في بيوتكم، فإن هؤلاء القوم لم يرضوا بما صنعوا بعثمان بن عفان رضي الله عنه، وفرقوا بين جماعة الأمة، وخالفوا الكتاب والسنة، حتى شهدوا علينا فيما أمرناهم به، وحثثناهم عليه من إقامة كتاب الله وإقامة حدوده بالكفر، وقالوا لنا المنكر، فأنكر
(١٣٣)