لم يدن من المنكدر ولا واسط ولا فلج منهم أحد، حتى أتوا البصرة في عام خصيب. وتمثلت دعي بلاد جموع الظلم إذ صلحت * فيها المياه وسيري سير مذعور تخيري النبت فارعي ثم ظاهرة * وبطن واد من الضمار ممطور [وقد] جمع الزبير بنيه حين أراد الرحيل، فودع بعضهم وأخرج بعضهم، وأخرج ابني أسماء جميعا، فقال: يا فلان أقم، يا عمرو أقم. فلما رأى ذلك عبد الله بن الزبير، قال: يا عروة أقم، ويا منذر أقم، فقال الزبير: ويحك!
استصحب ابني واستمتع منهما، فقال: إن خرجت بهم جميعا فاخرج، وإن خلفت منهم أحدا فخلفهما ولا تعرض أسماء للثكل من بين نسائك. فبكى وتركهما، فخرجوا حتى إذا انتهوا إلى جبال أوطاس تيامنوا، وسلكوا طريقا نحو البصرة وتركوا طريقها يسارا، حتى إذا دنوا منها فدخلوها ركبوا المنكدر.
خرج الزبير وطلحة ففصلا، ثم خرجت عائشة فتبعها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق، فلم ير يوم كان أكثر باكيا على الإسلام أو باكيا له من ذلك اليوم، كان يسمى يوم النحيب. وأمرت عبد الرحمن بن عتاب، فكان يصلي بالناس، وكان عدلا بينهم.
[و] لما تيامن عسكرها عن أوطاس اتوا على مليح بن عوف السلمي، وهو