[و] خرج المغيرة وسعيد بن العاص معهم مرحلة من مكة، فقال سعيد للمغيرة: ما الرأي؟ قال: الرأي والله الاعتزال، فإنهم ما يفلح أمرهم، فإن أظفره الله أتيناه، فقلنا: كان هوانا وصغونا معك، فاعتزلا فجلسا، فجاء سعيد مكة فأقام بها، ورجع معها عبد الله بن خالد بن أسيد.
[وفي رواية أخرى]:
لما انتهت عائشة رضي الله عنها إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة، لقيها عبد بن أم كلاب - وهو عبد بن أبي سلمة، ينسب إلى أمه - فقالت له:
مهيم؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه، فمكثوا ثمانيا، قالت: ثم صنعوا ماذا؟
قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب. فقالت: والله ليت أن هذه انطبقت على هذه أن تم الأمر لصاحبك! ردوني ردوني، فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه، فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت! ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول. فقال لها ابن أم كلاب:
فمنك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السيف من فوقنا * ولم تنكسف شمسنا والقمر