قال طارق بن شهاب: خرجنا من الكوفة معتمرين حين أتانا قتل عثمان رضي الله عنه فلما انتهينا إلى الربذة - وذلك في وجه الصبح - إذا الرفاق وإذا بعضهم يحدو بعضا فقلت: ما هذا؟ فقالوا: أمير المؤمنين، فقلت: ما له؟
قالوا: غلبه طلحة والزبير، فخرج يعترض لهما ليردهما، فبلغه أنهما قد فاتاه، فهو يريد أن يخرج في آثارهما، فقلت، إنا لله وإنا إليه راجعون! آتي عليا فأقاتل معه هذين الرجلين وأم المؤمنين أو أخالفه؟ إن هذا لشديد فخرجت فأتيته فأقيمت الصلاة بغلس، فتقدم فصلى، فلما انصرف أتاه ابنه الحسن فجلس فقال: قد أمرتك فعصيتني، فتقتل غدا بمضيعة لا ناصر لك، فقال علي:
إنك لا تزال تخن خنين الجارية! وما الذي أمرتني فعصيتك؟ قال: أمرتك يوم أحيط بعثمان رضي الله عنه أن تخرج من المدينة فيقتل ولست بها، ثم أمرتك يوم قتل ألا تبايع حتى يأتيك وفود أهل الأمصار والعرب وبيعة كل مصر، ثم أمرتك حين فعل هذان الرجلان ما فعلا أن تجلس في بيتك حتى يصطلحوا، فإن كان الفساد كان على يدي غيرك، فعصيتني في ذلك كله، قال: أي بني، أما قولك: لو خرجت من المدينة حين أحيط بعثمان، فوالله لقد أحيط بنا كما أحيط به. وأما قولك لا تبايع حتى تأتي بيعة الأمصار، فإن الأمر أمر أهل المدينة، وكرهنا ان يضيع هذا الأمر. وأما قولك حين خرج طلحة والزبير، فإن ذلك كان وهنا على أهل الإسلام، ووالله ما زلت مقهورا مذ وليت، منقوصا لا أصل إلى شئ مما ينبغي. وأما قولك: إجلس في بيتك، فكيف لي بما قد لزمني؟ أو من تريدني؟ أتريد ان أكون مثل الضبع التي يحاط بها ويقال: دباب دباب ليست هاهنا حتى يحل عرقوباها ثم تخرج، وإذا لم أنظر فيما لزمني من هذا الأمر ويعنيني فمن ينظر فيه! فكف عنك أي بني.