أمير عثمان عليها - فقال: ما ردك يا أم المؤمنين؟ قالت: ردني أن عثمان قتل مظلوما، وأن الأمر لا يستقيم ولهذه الغوغاء أمر. فاطلبوا بدم عثمان تعزوا الإسلام. فكان أول من أجابها عبد الله بن عامر الحضرمي، وذلك أول ما تكلمت بنو أمية بالحجاز ورفعوا رؤوسهم، وقام معهم سعيد بن العاص، والوليد بن عقبة، وسائر بني أمية. وقد قدم عليهم عبد الله بن عامر من البصرة، ويعلي بن أمية من اليمن، وطلحة والزبير من المدينة، واجتمع ملؤهم بعد نظر طويل في أمرهم على البصرة، وقالت [عائشة]: أيها الناس، إن هذا حدث عظيم وأمر منكر، فانهضوا فيه إلى إخوانكم من أهل البصرة فأنكروه، فقد كفاكم أهل الشام ما عندهم، لعل الله عز وجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم.
[وفي رواية أخرى]:
كان أول من أجاب إلى ذلك عبد الله بن عامر وبنو أمية، وقد كانوا سقطوا إليها بعد مقتل عثمان، ثم قدم عبد الله بن عامر، ثم قدم يعلي بن أمية، فاتفقا بمكة، ومع يعلي ستمائة بعير وستمائة ألف، فأناخ بالأبطح معسكرا، وقدم معهما طلحة والزبير، فلقيا عائشة رضي الله عنها، فقالت: ما وراءكما؟ فقالا:
وراءنا أنا تحملنا بقليتنا هرابا من المدينة من غوغاء وأعراب، وفارقنا قوما حيارى لا يعرفون حقا ولا ينكرون باطلا ولا يمنعون أنفسهم. قالت: فأتمروا وقد أمرا، ثم انهضوا إلى هذه الغوغاء. وتمثلت:
ولو أن قومي طاوعتني سراتهم * لأنقذتهم من الحبال أو الخيل