عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
223 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
(الحديث 223 طرفه في: 5693).
مطابقة للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله وهم خمسة تقدموا كلهم، وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري، وأم قيس، بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف. ومحصن، بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وفي آخره نون، وهي أخت عكاشة ابن محصن، أسلمت بمكة قديما، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم روي لها أربعة وعشرون حديثا، في الصحيحين. منها اثنان، وهي من المعمرات. وقال ابن عبد البر: اسمها جذامفة، بالجيم والذال المعجمة، وقال السهيلي: اسمها آمنة، وذكرها الحافظ الذهبي في (تجريد الصحابة) في الكنى، ولم يذكرها لها اسما.
بيان لطائف اسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار بصيغة الجمع في موضع، والعنعنة في ثلاث مواضع، ورواته ما بين تنيسي ومدني.
بيان من أخرجه غيره أخرجه البخاري هنا فقط. وأخرجه بقية الجماعة: فمسلم في الطب عن ابن أبي عمر، وفيه وفي الطهارة عن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وأبي خيثمة زهير بن حرب، خمستهم عن سفيان بن عيينة، وفي الطهارة أيضا عن محمد ابن رمح عن الليث بن سعد وعن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن يونس، ثلاثتهم عن الزهري به. وخرجه أبو داود في الطهارة عن القعنبي عن مالك به، والترمذي فيه عن قتيبة، وأحمد بن منيع، كلاهما عن سفيان بن عيينة به، والنسائي فيه عن قتيبة عن مالك، وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح، كلاهما عن سفيان به.
بيان لغته وإعرابه قوله: (بابن لها) الابن: لا يطلق إلا على الذكر بخلاف: الولد. قوله: (صغير) هو ضد: الكبير، ولكن المراد منه: الرضيع، لأنه فسره بقوله: (لم يأكل الطعام)، فإذا أكل يسمى: فطيما، وغلاما أيضا إلى سبع سنين. وقال الزمخشري: الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء. وقال بعضهم من أهل اللغة: ما دام الولد في بطن أمه فهو: جنين، فإذا ولدته يسمى: صبيا ما دام رضيعا، فإذا فطم يسمى غلاما إلى سبع سنين، فمن هذا عرفت أن الصغير يطلق إلى حد الالتحاء من حين يولد، فلذلك قيد في الحدث بقوله: (لم يأكل الطعاموالطعام في اللغة ما يؤكل، وربما خص الطعام بالبر، وفي حديث أبي سعيد: (كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير). والطعم، بالفتح: ما يؤديه الذوق، ويقال: طعمه مر، والطعم، بالضم: الطعام: وقد طعم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل وذاق، مثل: غنم يغنم غنما فهو غانم، الذوق، يقال: طعمه مر، والطعم، بالضم: الطعام. وقد طعم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل وذاق، مثل: غنم يغنم غنما فهو غانم، قال تعالى: * (فإذا طعمتم فانتشروا) * (الأحزاب: 53) وقال تعالى: * (ومن لم يطعمه فإنه منى) * (البقرة: 249) اي: من لم يذقه، قاله الجوهري. وقال الزمخشري أيضا: ومن لم يطعمه ومن لم يذقه، من طعم الشيء إذا ذاقه. ومنه: طعم الشيء لمذاقه، قال:
* وان شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا * ألا ترى كيف عطف عليه البرد وهو النوم؟ قلت: أو البيت.
* وان شئت حرمت النساء سواكم.
* والنقاخ، بضم النون وبالقاف والخاء المعجمة: الماء العذب، وقال بعضهم: وقد أخذه من كلام النووي: المراد من الطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه، والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها. قلت: لا يحتاج إلى هذه التقديرات، لأن المراد من قوله: (لم يأكل الطعام) لم يقدر على مضغ الطعام ولا على دفعه إلى باطنه، لأنه رضيع لا يقدر على ذلك، أما اللبن فإنه مشروب غير مأكول فلا يحتاج إلى استثنائه لأنه لم يدخل في. قوله: (لم يأكل الطعام) حتى يستثنى منه، وأما التمر الذي يحنك به، أو العسل الذي يلعقه، فليس باختياره، بل بعنف من فاعله قصدا للتبرك أو المداواة، فلا حاجة أيضا لاستثنائهما، فعلم مما ذكرنا أن المراد من قوله: (لم يأكل الطعام) أي: قصدا أو استقلالا أو تقويا فهذا شأن الصغير الرضيع، وقد علمت من هذا أن الذي نقله القائل المذكور من النووي، ومن نكت التنبيه صادر من غير روية ولا تحقيق، وكذلك لا يحتاج إلى سؤال الكرماني وجوابه ههنا، بقوله: فان قلت: اللبن طعام، فهل يخص الطعام بغير اللبن أم لا؟ قلت: الطعام هو ما يؤكل، واللبن مشروب لا مأكول فلا يخصص، قوله: (فأجلسه رسول الله، صلى الله عليه وسلم)، الضمير المنصوب فيه يرجع إلى الابن.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»