مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله وهم خمسة: الأول: أبو اليمان، بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميم: هو الحكم بن نافع، وقد تقدم في كتاب الوحي. الثاني: شعيب بن أبي حمزة الحمصي. الثالث: محمد بن مسلم الزهري. الرابع: عبيد الله إلى آخره. الخامس: أبو هريرة، والكل تقدموا.
بيان لطائف اسناده فيه التحديث بصيغة الجمع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع وبصيغة المفرد. وفيه: العنعنة. وفيه: أن رواته ما بين حمصي ومدني وبصري. وفيه: أخبرني عبيد الله عند أكثر الرواة عن الزهري، وروى سفيان بن عيينة عن سعيد بن المسيب، بدل: عبيد الله، وتابعه سفيان بن حسين، قال طاهر: إن الروايتين صحيحتان.
وأما بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره فقد ذكرناه في الباب السابق، وكذلك بيان لغاته وإعرابه.
بيان معانية قوله: (قام أعرابي)، زاد ابن عيينة عند الترمذي، وغيره في أوله: (أنه، صلى ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال له النبي، عله الصلاة والسلام، لقد تحجرت واسعا، فلم يلبث أن بقال في المسجد). وستأتي هذه الزيادة عند المصنف في الأدب من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وأخرج هذا الحديث الجماعة ما خلا مسلما، وفي لفظ ابن ماجة: (احتصرت واسعا). وأخرج ابن ماجة حديث واثلة بن الأسقع أيضا، ولفظه: (لقد حصرت واسعا ويلك أوويحك). قوله: (لقد تحجرت) أي: ضيقت ما وسعه الله، وخصصت به نفسك دون غيرك، ويروى: احتجرت بمعناه، ومادته حاء مهملة ثم جيم ثم راء. وقوله: (احتصرت)، بالمهملتين من الحصر، وهو الحبس والمنع. قوله: (فبال في المسجد) أي: مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم. قوله: (فتناوله الناس) أي: تناولوه بألسنتهم، وفي رواية للبخاري، تأتي: (فثار إليه الناس) وله في رواية عن، أنس: (فقاموا إليه)، وفي رواية أنس أيضا في هذا الباب: (فزجره الناس). وأخرجه البيهقي من طريق عبد ان شيخ البخاري، وفيه: (فصاح الناس به). وكذا للنسائي من طريق ابن المبارك، ولمسلم من طريق إسحاق عن أنس: (فقال الصحابة: مه مه)، قوله: (مه)، كلمة بنيت على السكون، وهو اسم يسمى به الفعل، ومعناه: أكفف، لأنه زجر. فإن وصلت نونته، فقلت: مه مه. ومه الثاني تأكيد، كما تقول: صه صه، وفي رواية الدارقطني: (فمر عليه الناس فأقاموه، فقال صلى الله عليه وسلم دعوه، عسى أن يكون من أهل الجنة، فصبوا على بوله الماء). قوله: (وهريقوا)، وفي رواية للبخاري في الأدب: (واهريقوا)، وقد ذكرنا أن أصل: أهريقوا، أريقوا. قوله: (أو ذنوبا من ماء) قال الكرماني: لفظ: من، زائدة، وزيدت تأكيدا، وكلمة: أو، يحتمل أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكون للتخيير، وأن تكون من الرواي فتكون للترديد. قلت: ليس الأمر كذلك، وقد قلنا الصواب فيه عن قريب. قوله: (ميسرين) حال، فإن قلت: المبعوث هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف هذا؟ قلت: لما كان المخاطبون مقتدين به ومهتدين بهذاه صلى الله عليه وسلم كانوا مبعوثين أيضا، فجمع اللفظ باعتبار ذلك، والحاصل أنه على طريقة المجاز، لأنهم لما كانوا في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك، أو لأنهم لما كانوا مأمورين من قبله بالتبليغ فكأنهم مبعوثون من جهته. قوله: (ولم تبعثوا معسرين)، ما فائدته وقد حصل المراد من قوله: (بعثتم...) إلى آخره؟ قلت: هذا تأكيد بعد تأكيد، دلالة على أن الأمر مبني على اليسر قطعا.
221 حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
(انظر الحديث: 219 وطرفه).
عبدان، بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة: وهو لقب عبد الله العتكي، وعبد الله هو ابن المبارك الإمام، تقدما في كتاب الوحي. ويحيى بن سعيد الأنصاري تقدم أيضا. وأخرج البيهقي هذا الحديث من طريق عبدان هذا، ولفظه: (جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى حاجته قام إلى ناحية المسجد فبال، فصاح به الناس، فكفهم عنه ثم قال: صبوا عليه دلوا من ماء).
وحدثنا خالد وحدثنا سليمان عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك قال جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى